"...وأما المحبة والعشق الواقع بين الحيوانات سيما الطيور والخيل والبغال فهو مشاهد لا ينكر. حكي في الكتب أن حاكم بخارى تجارب مع حاكم قندهار فلما تقابلت الصفوف كان مع كل عسكر فيل أتوا بهما للحرب فلما تباصر الفيلان عدا كل واحد إلى الآخر فالتقيا في الميدان فوقفا ووضع كل واحد خرطومه على خرطوم الآخر وتعانقا وجرت الدموع من أعينهما فوقعا بعد ساعة على الأرض فوجدا ميتين.
وفي كتاب عجائب الحيوانات أن زوج القمري إذا مات واحد منهما تغرب الآخر وأخذ في البكاء والنوح حتى تموت ولا يرغب بعده في نكاح. وذكروا أن في مصر طائراً يتعلق بالشجرة وينوح طول الليل واسمه عند أهل مصر فاقد ألفه، وترى الخيل أو البغال أو كل واحد مع الآخر إذا تؤالفا كيف يجري عليهما من فراق الساعة ونحوها.
وأعلم إنّ السراق أخذوا من الهر كثيراً من علوم السرقة منها إن السارق إذا أتى ليلاً والأبواب مغلقة وحاول في قلع الباب فلم يتمكن منه واستيقظ منه أهل المنزل وعلم ذلك منهم أخذ في حك الأرض بأظافره ليوهمهم إنه هر فلم يهتموا به ولم يخرجوا إليه حتى يرجع إليهم مرة أخرى إذا ناموا أو يأخذ في الهرب.
هذه قصة من القصص والطرف والأمثال والروايات الكثيرة التي تم هذا الكتاب نصها، حيث أنه يهدف إلى إيناس وأفراح هم القارئ والمطالع فحسب، بل وأيضاً إلى إعطاء العبرة والمعرفة والعلم، حيث أنه يجمع كما هو مبين من العنوان كماً من الطرائف النادرة والملح الأنيقة والأشعار الجميلة والحكم القديمة والأخبار العربية والآثار العجيبة، والعجائب النادرة إلى غير ذلك من الموضوعات الطريقة الشيقة التي تحتاج إلى قراءتها على إنسان يبتغي الترويح عن النفس والابتهاج بما جاء من الأمم القديمة من الأخبار والملح.