بيَّن رسول الله صلى الله عليه وسلم مكانة أصحابه رضوان الله عليهم، فقال "لا تسبُّوا أصحابي، فلو أنَّ أحدكم أنفق مثل أُحُد ذهباص ما بلغ مُدَّ أحدِهم ولا نصيفه"؛ فلذلك حرص العلماء على معرفة أخبارهم ومناقبهم وجمعها في مؤلفات خاصة؛ لإقتفاء أثرهم، والإقتداء بهم، والسير على...
بيَّن رسول الله صلى الله عليه وسلم مكانة أصحابه رضوان الله عليهم، فقال "لا تسبُّوا أصحابي، فلو أنَّ أحدكم أنفق مثل أُحُد ذهباص ما بلغ مُدَّ أحدِهم ولا نصيفه"؛ فلذلك حرص العلماء على معرفة أخبارهم ومناقبهم وجمعها في مؤلفات خاصة؛ لإقتفاء أثرهم، والإقتداء بهم، والسير على منهجهم. ومن العلماء الذين صنفوا في تراجم الصحابة الشيخ عبد القادر بن محمد الحسيني الطبري المكي (ت 1033هـ)، حيث صنف كتاب "المؤلفة في المؤلفة" الذي تناول فيه طائفة من الصحابة رضوان الله عليهم، ممن أعطاهم رسول الله صلى الله عليه وسلم العطايا لتأليف قلوبهم أو قلوب قومهم للدخول في الإسلامن أو لتقوية إيمانهم، فأضحى هؤلاء من المبلغين لرسالتهن والداعين إلى سُنَّته، حتى صاروا حماةً للإسلام وشريعة الله تعالى. فأراد المؤلف في كتابه هذا أن يسلط الضوء على هذه الفئة من الصحابة، حيث قال في مقدمته: فهذه "المؤلَّفة في المؤلَّفة" ألفتُها؛ لبيان هذه العصابة، ممَّن أُلِّفَ من الصحابة، عظيمٌ وقعها، عميمٌ نفعُها". ولأهمية هذا الأثر اعتنى به وقابله بأصله الأستاذ نظام محمد صالح اليعقوبي بعد أن وصفه ووثقه وذكر معنى "التأليف" وأقسام "المؤلَّفة" وبيَّن إسهامهم المفروض بنص الآية الشريفة مصداقاً لقول الله تعالى: ﴿ لَقَدْ جَاءَكُمْ رَسُولٌ مِنْ أَنْفُسِكُمْ عَزِيزٌ عَلَيْهِ مَا عَنِتُّمْ حَرِيصٌ عَلَيْكُمْ بِالْمُؤْمِنِينَ رَءُوفٌ رَحِيمٌ ﴾. [سورة التوبة: الآية 128]. فذكر مناقبهم ومنهاجهم وطريقهم في تبليغ الرسالة، وذلك بعد ضبط النص الأصلي وغزو الآيات والأحاديث إلى مصادرها، وترجم للصحابة وعرّف بالمؤلف ومصدر النسخة الخطية مع إيراد والصور المعتمدة في التحقيق.