المقام والمقامة كالمكان والمكانة موضع القيام، وقال الله تعالى خير مقاماً وأحسن ندياً، وقيل لما يقام به فيها من خطبة أو شبهها مقامة كما يقال له مجلس ويقال مقامات الخطباء ومجالس القصاص كما يسمى الجالسون فيها مقامه. قال زهير بن أبي سلمى: :"وفيهم مقامات حسان وجوههم/واندية...

المقام والمقامة كالمكان والمكانة موضع القيام، وقال الله تعالى خير مقاماً وأحسن ندياً، وقيل لما يقام به فيها من خطبة أو شبهها مقامة كما يقال له مجلس ويقال مقامات الخطباء ومجالس القصاص كما يسمى الجالسون فيها مقامه. قال زهير بن أبي سلمى: :"وفيهم مقامات حسان وجوههم/واندية ينتابها القول والفعل".
في هذا الكتاب يشرح العلامة محمد سعيد الفاروقي الطرابلسي مقامات "الزمخشري" وهي خمسون مقامة متنوعة الأغراض منها في التقوى، ومنها في الرضوان، ومنها في الطاعة، ومنها في العزم ومنها في النحو وغيره، وهي مما أبدع نظمه الزمخشري في هذا اللون من الأدب والفن البديع، الذي يُدخل القارئ في نوع من المعاني السامية والروحانيات التي تسمو بالنفس الإنسانية إلى صلاحها وتقواها وزيادة حبها لله عز وجل وترك بهارج الدنيا وزنيتها.
لقد ألف الزمخشري كتاب المقامات، حين استدعاه صوت داخلي في أغفاءات الفجر التي ألمت به قائلاً لها: "يا أبا القاسم، أجل مكتوب وأمل مكذوب" فهب من نومه وضمّ إلى هذه الكلمات ما ارتفع بها إلى مقامه، ثم أنشأ أخوات لها قلائل، ثم انقطع عن الكتابة فترة من الزمن لما أعياه المرض الذي اعتبره منذرة له وكان ذلك في العام 512هـ فآلى على نفسه إن شفا الله أن يهجر بهرج الدنيا ويكف عن باب السلطان، وأن يأخذ نفسه بالشدة حتى تكون توبته نصوحاً، وأن يتجه بكل ما فيه من قوة إلى عمل الخير الذي يرضي الله تعالى، وهو ما كان يرمي إليه من وراء مقاماته هذه...
ونقرأ منها: "بسم الله الرحمن الرحيم: وأحمده على ما أدرج من آلائه، في تضاعيف ابتلائه، وما رزقني من درك الغبطة، بما أذاقني من مس السخطة، وما تهدَّل علي من ثمر ألطافه، حتى استمكنت أصابعي من اقتطافه واستعينه في الاستقامة على سواءِ سبيله (...)".