تُعد الأخلاق ركيزة أساسية في كل الرسالات الإلهية التي بُعث بها الانبياء صلوات الله عليهم، فقد قال عليه الصلاة والسلام مصادقاً لذلك: "إنما بُعثت لأُتمِّم صالح الأخلاق"، فكأنه بُعث - عليه الصلاة والسلام - لإتمام هذا الأمر فقط؛ مما يوضح أهميته ومكانته.ومن هنا جاءت فكرة هذا...
تُعد الأخلاق ركيزة أساسية في كل الرسالات الإلهية التي بُعث بها الانبياء صلوات الله عليهم، فقد قال عليه الصلاة والسلام مصادقاً لذلك: "إنما بُعثت لأُتمِّم صالح الأخلاق"، فكأنه بُعث - عليه الصلاة والسلام - لإتمام هذا الأمر فقط؛ مما يوضح أهميته ومكانته. ومن هنا جاءت فكرة هذا البحث المقارِن، الذي يُعنى بالكشف عن الأسس التي تقوم عليها الأخلاق في تعاليم النبي موسى عليه السلام، مع مقارنتها بالأسس الأخلاقية للتعاليم التي أتى بها محمد صلى الله عليه وسلم. وتعاليم الأنبياء صلوات الله عليهم تحفظها عادةً الكتب المنزلة عليهم بأمر الله تعالى، فضمت التوراة ما جاء به موسى عليه السلام، كما حفظ القرآن الكريم ما جاء به محمد صلى الله عليه وسلم، مع فارق هام؛ وهو: أن التوراة أخذت بالضياع شيئاً فشيئاً كلما ابتعد بها الزمن عن وقت نزولها، وبقي القرآن الكريم بعد نزوله ثابتاً لا يتغير. وبالتالي تكون دراسة أفكار الحديث عن مختلف أسفار العهد القديم معينة على لملمة الفكر الصحيح المتفرق فيه، مما حفظه الشعب اليهودي في تلك الأسفار، أما المنهج المتبع في كيفية إستنباط الأسس الأخلاقية من العهد القديم، فسيكون بإبراز الأسس الأخلاقية النظرية في الكتاب بحسب المفاهيم والمعايير التي تعالَج بها عند علماء الأخلاق في العصر الحديث، وذلك بالبحث عن سمات "الواجب"، وعن طبيعة "السلطة" التي ينبعث عنها "الإلزام" أو "التكليف"، وعن درجة "المسؤولية" الإنسانية وشروطها، وعن طبيعة "الجهد" المطلوب للعمل الأخلاقي، والمبدأ الأسمى الذي يجب أن يحفز "الإرادة" للعمل... كل ذلك لمعرفة كيفية تصوير الكتاب لعناصر الحياة الأخلاقية، مع إعطاء نماذج وافية لتطبيقاتها العملية، مما لها دلالة كافية على القواعد المختلفة للسلوك، دون التقيد بترتيبها الوارد في العهد القديم، مع الحرص الدائم على مقارنة ما جاء في العهد القديم بما حفظه القرآن الكريم في الموضوع نفسه. هذا وقد جاء الكتاب في بابين، أما الباب الأول، فقد ناقش الأصول الإعتقادية المؤثرة في الأسس الأخلاقية للعهد القديم، وأما الباب الثاني فقد استخلص الأسس الأخلاقية في العهد القديم في ضوء النظرية الأخلاقية القرآنية، وختم البحث بخلاصة ناقشت مدى إرتباط العهد القديم بالرسالة الموسَوية، وكذا مدى إرتباطه بالأخلاق.