إن من أهم علوم الأولين والآخرين مدارسةَ علوم هذا الدين القويم، ومن أشرف هذه العلوم وأعلاهـا الاطـلاع على سيرة سيـد المرسلين، وإمـام المتقين، وأشرف الخلق أجمعين، صلى الله عليـه وسلم وبارَكَ إلى يوم الدين.فقد بادر علماء هذه الأمة المباركة بتدوين سيرة سيدنا المصطفى صلى الله...

إن من أهم علوم الأولين والآخرين مدارسةَ علوم هذا الدين القويم، ومن أشرف هذه العلوم وأعلاهـا الاطـلاع على سيرة سيـد المرسلين، وإمـام المتقين، وأشرف الخلق أجمعين، صلى الله عليـه وسلم وبارَكَ إلى يوم الدين.
فقد بادر علماء هذه الأمة المباركة بتدوين سيرة سيدنا المصطفى صلى الله عليه وسلم، بدايةً من دواوين السنة، التي أفردت أبواباً خاصة في صفات الرسول صلى الله عليه وسلم الخَلقية وحليته وهيئته الشريفة، فوصفوه أدقَّ الوصف، حتى كأنك تراه رأي العين، وتميَّز عددٌ من الصحابة  بدقة الوصف له صلى الله عليه وسلم، أمثال هند ابن أبي هالة، وأم معبـد، وأنس بن مالك، وغيرهم من الصحابة رضي الله عنهم أجمعين.
ومن الكتب ما وصف أخلاقة وشمائله ومعاملاته، ومن أشهرها: كتاب: ’الشمائل النبوية‘ للإمام الترمذي رحمه الله، وكتاب: ’زاد المعاد في هدي خير العباد‘ لابن القيم رحمه الله، وكتاب: ’تاريخ الخميس في أحوال أنفس نفيس‘ للديار بكري رحمه الله.
وكتبٌ أخرى توسَّعت في شرح أخبـاره وأحوالـه ومغازيـه، مثل كتاب: ’سيرة ابن هشام‘ رحمه الله، وكتاب: ’نور العيون في تلخيص سيـرة الأمين المأمون‘ لابن سيد الناس رحمـه الله، وكتـاب: ’شرف المصطفى صلى الله عليه وسلم‘ للنيسابوري رحمه الله.
وتخصَّصـت بعض الكتـب في وصـف خصائص النبي صلى الله عليه وسلم، مثل كتاب: ’الشفا بتعريف حقوق المصطفى‘ للقاضي عياض رحمـه الله، وهـو أشهـر كتـابٍ في التراث الإسلامي من حيث الشهرة والوجود في مكتبات العالم، وكتاب: ’أنموذج اللبيب في خصائص الحبيب‘ للسيوطي رحمه الله، وكتاب: ’دلائل النبوة‘ للبيهقي رحمه الله. وأخذ مجموعة من المصنفين جانبـاً آخـر من حيـاة الرسول صلى الله عليه وسلم، فصنَّفـوا في ذكر من اتصل بحيـاة المصطفى صلى الله عليه وسلم، مثل أزواجـه وخدَمه ومواليه، مثل كتاب: ’أزواج النبي صلى الله عليه وسلم للصالحي رحمه الله، وكتاب: ’الفخـر المتـوالي فيمن نُسب للنبي من الخـدَم والموالي‘ لابن المبرد رحمه الله.
وأما الكتب التي صُنفت في ذكر أصحابه ، فكثيرةٌ مشتهرة، مثل كتاب: ’الاستيعاب في معرفـة الأصحـاب‘ لابن عبد البر رحمه الله، وكتاب: ’الإصابـة في تمييز الصحابـة‘ لابن حجـر العسقلاني رحمـه الله.
واعتنت طائفة أخرى من المؤرخين بالتصنيف في وصف ما تركه النبي صلى الله عليه وسلم بعده، فصنف المقريزي رحمه الله كتاباً سمّاه: ’إمتاع الأسماع بما للنبي ﷺ من الأحوال والحفدة والمتاع‘، وللتلمساني رحمه الله كتابٌ سمّاه: ’فتح المتعال في وصف النعال‘، ولأحمد بن إسحاق رحمه الله كتابٌ سمّاه: ’تركة النبي صلى الله عليه وسلم.
وحتى كتبه ومراسلاته مع أهل عصره لم تُترك، فقـد ألف ابن طولون رحمه الله كتاباً سماه: ’إعلام السائلين عن كتب سيد المرسلين‘، والأنصـاري رحمـه الله وضـع كتابـاً في تراجم كتّـاب النبي صلى الله عليه وسلم سماه: ’المصباح المضيِّ في كتّاب النبيِّ صلى الله عليه وسلم.
والمتتبـع لكتب السيرة المحمديـة ـ على صاحبهـا أفضل السلام وأزكى التحيـة ـ يعجـز عن البحث، ويكلُّ من كثـرة المطالعـة، لهـذا وضعت فهارس خاصة لهذا الفن، تنوعتْ فيها المادة العلمية من مولد المصطفى صلى الله عليه وسلم، إلى بعثته ومعراجه، وهجرتـه وجهاده، وذكـر غزواتـه وسراياه، وأحوالـه وخصائصه، وفضائلـه وشمائله، إلى غيـر ذلك من ذكر أحواله الخاصة والعامة.