يعدُّ ((صحيحُ مسلم)) أمتنَ الصَّحِيحَين روايةً وتقريراً، وأحسنَهما ترتيباً وتحريراً، وأكثرَهما تفريقاً وتحقيقاً، وأقلَّهما تقطيعاً وتعليقاً. والإمام مسلمٌ إمامٌ جليل القدر، ثقة، من أئمة المحدِّثين، فقد ذكر العلماءُ أنَّ كتابَه ‘الصحيح’ لم يَصنعْ أحدٌ مثلَه. فقد قال...
يعدُّ ((صحيحُ مسلم)) أمتنَ الصَّحِيحَين روايةً وتقريراً، وأحسنَهما ترتيباً وتحريراً، وأكثرَهما تفريقاً وتحقيقاً، وأقلَّهما تقطيعاً وتعليقاً. والإمام مسلمٌ إمامٌ جليل القدر، ثقة، من أئمة المحدِّثين، فقد ذكر العلماءُ أنَّ كتابَه ‘الصحيح’ لم يَصنعْ أحدٌ مثلَه. فقد قال الإمام مسلم: لو أنَّ أهلَ الحديث يكتبون الحديث مئتي سنة، فمدارُهم على هذا المُسْند. ولمَّا كان هذا الكتاب بهذه الصفة، ومصنِّفه بهذه الحالة، ينبغي أن يُخصَّ بفضلِ عنايةٍ من تصحيحٍ وضبطٍ ورواية، وحفظٍ وتفقُّهٍ ودراية. ومِنْ هنا عُنينا بشروح هذا السِّفر الجليل عنايةً خاصةً في مشروعنا ((موسوعة شروح السنة النبوية)) التي نسألُ اللهَ تعالى أن يكتبَ لها القَبول والتَّمام. وكان من بين تلك الشروحِ شرحُ الإمام شمسِ الدِّين الهَرَويِّ الذي نقوم بإصداره لأول مرة. وقد اشتمل على شَرح ما يقاربُ التسعَ مئةِ حديثٍ من أحاديث صحيح مسلم، شملت مقدمةَ الصحيح وكتابَ الإيمانِ والطهارةِ والوضوءِ. وقد شرحه شرحاً جامعاً لفوائد المتقدمين، حاوياً على فرائد المتأخِّرين، مشتملاً على ما في شروح الأئمة الأعلام: القاضي عياض والقُرطبي والنَّووي. مُنْطوياً على تحقيقات خَلَت عنها الكتبُ بأرشق الإشارة. كاشفاً حالَ جميعِ رجال الإسناد، وما قيل في كلِّ واحد منهم من المَذَمَّة والإحماد. مبيِّناً طرقَ كلِّ حديث من أحاديث الكتب المخرَّجة في الكتب الخمسة الباقية من الستة، ومواقع التعريج، وما تفرَّد به المصنفُ مِنْ بينهم بالتخريج.