إنَّ الله ـ جلَّ وعلا ـ قد هيَّأ لهذه الأمَّةِ علماءَ ربَّانيين، حَفِظوا حديثَ نبيِّه محمَّدٍ صلى الله عليه وسلم في دواوين ألَّفوها في السُّنن والأحكام، والحلال والحرام، وما جاء عنه صلى الله عليه وسلم في فضائل الأعمال ونَفَائسِ الأحوال الداعيةِ إلى طُرق الخيرِ وسُبُل...
إنَّ الله ـ جلَّ وعلا ـ قد هيَّأ لهذه الأمَّةِ علماءَ ربَّانيين، حَفِظوا حديثَ نبيِّه محمَّدٍ صلى الله عليه وسلم في دواوين ألَّفوها في السُّنن والأحكام، والحلال والحرام، وما جاء عنه صلى الله عليه وسلم في فضائل الأعمال ونَفَائسِ الأحوال الداعيةِ إلى طُرق الخيرِ وسُبُل الرَّشاد، وما دعا إليه من مكارم الأخلاقِ ومحاسنِ الآداب.
وكان كتابُ ’مصابيح السُّنَّة‘ للإمام محيي السنة، شيخِ الإسلام البَغَويِّ أجمعَ كتابٍ صُنِّف في بابه، وأضبطَ لشواردِ الأحاديث وأَوابِدها. وهو الكتابُ الذي عكف عليه المتعبِّدون، واشتغل بتدريسه الأئمةُ المعتبرون، وأقرَّ بفضله وتقديمـــه الفقهــاءُ المحدثون، وقال بتمييزه الموافقون والمخالفون.
وهو كتابٌ مُبَاركٌ، وفيه عِلمٌ جَمٌّ من سُنن رسول الله عز وجل، ناهزت أحاديثُه الخمسةَ آلاف حديث، أحسنَ الإمامُ في ترتيبها، وفاقَ ترتيبُه للكتب كثيراً من كتب الحديث المصنَّفة، فإنه وضَعَ دلائلَ الأحكام على نَهجٍ يستحسنُه الفقيهُ، فوضع الترغيبَ والترهيب على ما يقتضيه العلم، ولو فكَّر أحدٌ في تغيير بابٍ عن موضعه لم يجدْ له موضعاً أنسبَ مما اقتضى رأيُه.
وقد كثُرت عنــاية العلمـــاءِ بهــذا الكتاب الجليل، وتنوَّعت الشروحُ والتعليقاتُ والتخريجاتُ عليه، ومن تلكَ الشروحِ الحافلةِ، شَرْحُ الإمامِ مُحمَّدِ بنِ عَبْد اللَّطيفِ، المعروفِ بـ (ابن المَلَك) الرُّوميِّ، والذي نقومُ بإصدارهِ لأوَّلِ مرةٍ مقابَلاً على أربعِ نُسَخٍ خَطِّيَّةٍ.
وقد اشتملَ هذا الشَّرْحُ على غَالبِ مادَّةِ ’مَصابيح السُّنَّة‘ للإمام البَغَويِّ . وقد عُنِيَ فيه المؤلف ببيان الألفاظِ، وحَلِّ الإشكالات،وإعراب ما استغلق من ألفاظه، وجمع اختلافاته وبَثَّ فيه فِقْهَ الأئمَّةِ الأربعةِ في كثير من أحاديثه.
وقد امتاز هذا الشرح ببساطة ألفاظه، وسهولة جمله وعباراته، ووضوح ما المراد من أحاديثه.
هذا، وقد تمَّ التقديمُ للكتاب بترجمة الإمام البغوي، وترجمة الإمام المظهري ثم تلاه تعريف بمنهج المؤلِّف في هذا الشرح. وتمَّ تذييلُ الكتابِ بِفِهْرسِ أطرافِ الأحاديث النبوية الشريفة التي شرحها المؤِّلفُ، ثم فِهرسٍ لعناوينِ الكُتب والأبواب.