يعتبر هذا الكتاب "مصابيح السنة" للإمام البغوي، أجمع كتاب صنف في بابه، وأضبط لشوارد الأحاديث وأوابدها، وهو الكتاب الذي عكف عليه المتعبدون، واشتغل بتدريسه الأئمة المعتبرون وأقرّ بفضله وتقديمه الفقهاء المحدثون.ويحتوي هذا الكتاب على علمٍ جمٍّ من سنن رسول الله صلى الله عليه...

يعتبر هذا الكتاب "مصابيح السنة" للإمام البغوي، أجمع كتاب صنف في بابه، وأضبط لشوارد الأحاديث وأوابدها، وهو الكتاب الذي عكف عليه المتعبدون، واشتغل بتدريسه الأئمة المعتبرون وأقرّ بفضله وتقديمه الفقهاء المحدثون.
ويحتوي هذا الكتاب على علمٍ جمٍّ من سنن رسول الله صلى الله عليه وسلم، ناهزت أحاديثه الخمسة آلاف حديث، أحسن الإمام البغوي ترتيبها، وفاق ترتيبه للكتب كثيراً من كتب الحديث المصنفة، فقد وضع دلائل الأحكام على نهجٍ يستحسنه الفقيه، فوضع الترغيب والترهيب على ما يقتضيه العلم، ولو فكر أحد في تغيير باب عن موضعه لم يجد له موضعاً أنسب مما اقتضى رأيه.
ونظراً لأهمية هذا الكتاب فقد كثرت العناية به، وتنوعت الشروح والتعليقات والتخريجات عليه، ويأتي هذا العمل الذي هدف الإعتناء بهذا الكتاب القيْم ضمن مشروع "موسوعة شروح السنّة النبوية" التي تم خلالها تحقيق جملة من الشروح النفيسة التي لم ترَ النور بعد، ضمت علوماً جمّة لا يستغني عنها من تشرّب لبان السنّة النبوية، وحرص على أخذها رواية ودراية.
وقد سبق هذا الإصدار، نشر شرحٍ واحد لهذا الكتاب الجليل "مصابيح السنة" وهو شرح الإمام التوربشتي ومن تلك الشروح الحافلة لهذا الكتاب أيضاً شرح الإمام القاضي ناصر الدين البيضاوي، الذي تم إصداره في هذه الطبعة، وقد اشتمل هذا الشرح على ألفٍ وستّ مئة حديث، تناولت أحاديث من جميع الكتب المبثوثة في "المصابيح" على ترتيب مؤلفها الإمام البغوي.
وقد أبان الإمام البيضاوي في شرحه هذه المعضلات، وحلّ المشكلات، وأبرز الفوائد والنكات، كل ذلك بلغة رفيعة عالية، على منوال الإمام الزمخشري في أسلوبه ولغته، وقد نقل كلامه في هذا الشرح الأئمة الكبار، واعتمده الشُّراح والمحققون، كالإمام الطيبي في شرح "شرح المشكاة"، والحافظ ابن حجر في "فتح الباري"، والعيني والقسطلاني والمَنَاوي وملاّ علي القاري وغيرهم كثير فهم بحق معلمة لغوية لطيفة، وفقهية منيفة، يحتفي بها أهل الفقه والحديث، واللغة.
هذا وقد تم التقديم للكتاب بترجمة الإمام البغوي، وترجمة للقاضي ناصر الدين البيضاوي، ثم تلا ذلك دراسة عن الكتاب بينت منهج المؤلف فيه، كما تم تذييل الكتاب بفهرس لأطراف الحديث وآخر لعناوين الكتب والأبواب.