إن عظمة الإنسان لا تكمن ببقائه فرداً متميزاً في وسط خامل، ولا بكونه عديم النظير في أمة متخلفة جاهلة، إنما العظمة كل العظمة أن يرتقي الإنسان بالأمة إلى علياء المجد، وأن يأخذ بأفراد أمته من تخلفهم وأميتهم وجهلهم إلى ما فيه خيرهم وصلاحهم ليكونوا قادة الدنيا، وهداة الأمة، هذه...
إن عظمة الإنسان لا تكمن ببقائه فرداً متميزاً في وسط خامل، ولا بكونه عديم النظير في أمة متخلفة جاهلة، إنما العظمة كل العظمة أن يرتقي الإنسان بالأمة إلى علياء المجد، وأن يأخذ بأفراد أمته من تخلفهم وأميتهم وجهلهم إلى ما فيه خيرهم وصلاحهم ليكونوا قادة الدنيا، وهداة الأمة، هذه هي العظمة الحقُّ، وهكذا كان رسول الله صلى الله عليه وسلم حيث أخرج الله به الأمة من الغمة، وهدى به من الضلالة، فخرَّج خير أمة أخرجت للناس. وقد اتفقت كلمة أهل الحق من هذه الأمة أن أفضلها ومقدَّمها بعد نبيها، صديقها أبو بكر رضي الله عنه، ثم بعده فاروقها وآيتها في العدل، عمر بن الخطاب رضي الله عنه، وفضائلهم ومآثرهم عظيمة وكثيرة. ومن أبرز ما كان لعمر بن الخطاب رضي الله عنه من فضائل موافقاته للقرآن والسنة، وكونه ملهماً، وكفاه بذلك فخراً وعزاً، فقد كانت بديهته تسبق إلى أمر فيأتي الوحي من السماء مؤيداً ومقرراً ما ارتآه ووقر في صدره؛ وما ذاك إلا لأنه أوتي بصيرة ثاقبة، ونظرة نافذة، وفراسة سديدة، وإلهاماً وتوفيقاً يختص الله به من يشاء من عباده. ولقد جمع هذا السفر القيم ثلاث رسائل يعددن صوراً لموافقات عمر رضي الله عنه، ويروين الأحاديث الواردة فيها. وقد قام المحقق بتخريج الأحاديث الواردة فيها، وقدم بين يدي الكتاب مدخلاً حول معنى الموافقات وبيان حقيقتها، وآراء العلماء المنصفين فيها، ودفع شبه من طعن فيها.