إن موضوع التشبُّه ـ من حيث عمومه ـ من المواضيع المهمة في الإسلام، والتي أخذت حيِّزاً واسعاً عند الأعلام. والتشبُّه نوعان: منه ما هو محمود، ومنه ما هو مذموم. فالتشبُّه المحمود: كتشبُّه المسلم بغيره من الصالحين في أقوالهم، وأفعالهم، وهيئاتهم. والتشبُّه المذموم: كتشبُّه المسلم...
إن موضوع التشبُّه ـ من حيث عمومه ـ من المواضيع المهمة في الإسلام، والتي أخذت حيِّزاً واسعاً عند الأعلام. والتشبُّه نوعان: منه ما هو محمود، ومنه ما هو مذموم. فالتشبُّه المحمود: كتشبُّه المسلم بغيره من الصالحين في أقوالهم، وأفعالهم، وهيئاتهم. والتشبُّه المذموم: كتشبُّه المسلم بغير المسلم في أقواله، وأفعاله، وهيئاتـه، أو كتشبُّه الرجل بالمرأة، وتشبُّـه المرأة بالرجل، أو كتشبُّـه الإنسان بالبهائم، وغير ذلك. وكان من جملـة ما اختلفوا فيـه: تشبُّـه المسلم بغيـر المسلم في اللباس، سواءٌ في شكله، أو في طريقة لُبسه، أو غير ذلك. فهل يحرم على المسلم أن يلبس لباس غير المسلم، سواءٌ قصد به التشبُّه أم لا؟ وقد اشتدَّت حاجة المسلمين لبيان هذه المسألـة وضوابطها، لِمَا حصـل في زمننـا من تفرُّق المسلمين وضعفهم، ممـا أغـرى أعداءهم بالتسلُّط عليهم، واستباحة أراضيهم، وفرضِ عاداتهم ومعتقداتهم عليهم، فكان أنْ تشرَّب المسلمـون ـ بغيـر قصـد منهم ـ بعض عادات أعدائهم وتقاليدهم، فأخذوا يقلدونهم ـ عن حسن نية ـ في بعض شؤون حياتهم. هذا هو محور الكتاب الذي بين أيدينا، حيث لم يَأْلُ مصنِّفه جهداً في تحرير وبيان مسألة جواز لُبس المسلم لباسَ غير المسلم، وبيان هذا الفعل هل يعتبر تشبُّهاً بالكفار أم لا؟ فقام بذكر آراء العلمـاء وأدلَّتهم، وقام بتمحيصها وتفنيدهـا والردِّ على بعضهـا، وذِكْـرِ أحكـام بعض ما اشتهـر من أنواع وأسماء لألبسة الأعاجم التي انتشرت بين المسلمين، كـ (البُرنَيطة) أو القبعـة، وخِرْقَة العنق (الداسي)، و(الطَّربُوش)، والسراويل، وغيرها، وبيَّن أن لبسها لا يعتبر تشبُّهاً بهم، وإنما هي عادة جرت بين المسلمين بحكم الاختلاط بغيرهم، وأنها لا تضرُّ عقيدتنا في شيءٍ ما دامت لا تتعارض مع أصول ديننا الحنيف.