-
/ عربي / USD
إن هذا الكتاب يتناول شخصية فذّة ساهمت في الدعوة الشعبية والإصلاح العام، في مواجهة الغزو الصليبي في البلاد الشاميّة، وهو الإمام عبد القادر الجيلاني، فقد كانت حركته الشعبية معاصرة لعماد الدين ونور الدين محمود، وتعتبر حركة عبد القادر الجيلاني من الروافد المهمة في حركة الجهاد والمقاومة التي قادها نور الدين وخصوصاً في القطاع الشعبي العريض وفي عاصمة الخلافة العباسية بغداد، لقد كانت عامَّةُ الجماهير في حاجة شديدة إلى شخصية روحيّة رفيعة، تكون على تواصل بالشعب وطبقاته وجماهيره لكي يؤثر في المجتمع بدعوته ومواعظه وتزكيته، وتوقظ في النفوس الإيمان وتثير عقيدة الآخرة، وتحرّك في القلوب الحب لله والحنين إليه، وتحثّ على الطموح وعُلوِّ الهمَّة وبذل الجهد في الحصول على علم الله الصحيح وعبادته ونيل رضوانه والمسابقة إلى سبيله وتدعو إلى التوحيد الكامل، والدين الخالص.
ولقد وجد هذا المصلح الشعبي في شخص الشيخ عبد القادر الجيلاني الذي ظهر في بغداد في أواخر القرن الخامس، وتسلَّم الزعامة الدينية وعاش نحو قرن فرداً فريداً في الدعوة إلى الله تعالى، وأثّر في العالم الإسلامي تأثيراً كبيراً، واستطاع أن يؤسس مدرسةً ساهمت مع الزنكيين في تحمل المسؤولية ومواجهة التحديات العقائدية والفكرية، والإقتصادية والإجتماعية، وساهمت في إعداد جيل المواجهة للخطر الصليبي في البلاد الشامية، فقد استفاد عبد القادر الجيلاني من جهود من سبقوه وتعاليمهم وخصوصاً الإمام الغزالي الذي قام بدور عظيم في تاريخ الإصلاح والتجديد - وقد فصَّلتُ ذلك في كتابي "دولة السلاجقة والمشروع الإسلامي لمقاومة الغزو الصليبي".
وكان الرجل المطلوب للدفاع عن الإسلام عند هجوم الفلسفة اليونانيّة وإلحاد الباطنيّة، وإنحراف العلماء، وقد استفاد عبد القادر الجيلاني من جهود وتراث الغزالي وحوّل تلك التعاليم إلى مناهج مبسّطة يفهمها العامَّة وطلاب العلم والعلماء.
قيّم هذا الكتاب
هل استخدمت هذا المنتج من قبل؟
لا توجد أي مراجعات بعد