مشاهد القيامة التي وردت في القرآن الكريم قل أن يتلقاها الحس إلا بهزة عنيفة تغمره بالرعب والهول والكآبة فمن ذا الذي يسمع القارعة.. القيامة.. الطامة.. الصاخة.. الغاشية.. الحاقة.. ولا ينخلع قلبه من بين ضلوعه؟
ومن ذا الذي يعلم أنه سيكون هو والناس كلهم كالفراش المبثوث ثم يصر على معصيته لله تعالى ومخالفة أمره؟ ومن ذا الذي يعلم أن الجبال الشم الرواسي تنسف نسفاً، وتتطاير في الهواء كالعهن المنفوش ثم يثبت على مخالفة رسول الله صلى الله عليه وسلم. إنها مشاهد وصور تنخلع لها القلوب، وترتجف لها الأوصاف.
إنها انقلاب رهيب في هذا الكون لكل معهود، وإذا كنا نرتجف مما سمح لنا بمعرفة طرف منه، فما بالنا بالحدث وهو ماثل أمامنا نراه رؤيا عين؟ إنها أكبر من أن ندركها الآن بمشاعرنا المقيدة بمألوف حسناً وتفكيرناً. ولنتأمل هذه السماء الضخمة العظيمة التي هي أكبر من خلق الإنسان تطوى يوم القيامة.
ويخسف القمر، وتجمع الشمس، وتطمس النجوم، وتعطل العشار، وتحشر الوحوش، وتسجر البحار، وتبعثر القبور، وتلقي الأرض ما في باطنها وتتخلى، ويكون الناس في ذهول شديد.
وهذا الكتاب هو محاولة لوضع صورة ومشهد لذلك اليوم الرهيب، وذلك من خلال كتاب الله تعالى، وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم، ومشفوعة بتفسير إمام المفسرين في عصرنا الإمام: "محمد متولي الشعراوي".