هذا الكتاب الذي بين يديك: جليل القدر، عظيم النفع، حافل بالعلم القائم على الصول الصحيحة والفهوم السديدة، جامعاً لمكارم الأخلاق ومعاليها، والذي من شأنه أن يعين على تحقيق سعادة الدارين بكمال متابعة هدي النبي صلى الله عليه وسلم في واحد من أهم أمور الدين ألا وهو "الخلق" فقد ثبت عنه صلوات الله تعالى وسلامه عليه وآله أنه قال: "بعثت لأتمم صالح الأخلاق".
فكأن مقصود الرسالة المحمدية هو تنمية الإحساس الأخلاقي في بني البشر، وإنارة آفاق الكمال أمام أعينهم حتى يسعوا إليها على بصيرة.
ومن هنا كان التأكيد على الثمرة الأخلاقية لكثير من العبادات بحيث تفارق كونها طقوساً وشعائر مبهمة، وتعمل على تحرير الطاقات الأخلاقية الكامنة في الكينونة الإنسانية فيترقى هذا الكائن في مدارج الكمال الإنساني ويصبح وجوده ذا مغزى عميق تتجلى من خلاله القدرة الإلهية في صياغة المجتمع الفاضل والحياة الكريمة لبني الإنسان، ومن هنا نفهم قوله سبحانه وتعالى: (وأقم الصلوة، إن الصلوة تنهى عن الفحشاء والمنكر".