-
/ عربي / USD
رغبتُ بالكتابة منذ مدة طويلة، وكنتُ في حيرة عما سأكتب؟ وبعد تفكير طويل حسمتُ أمري وقرّرتُ سرد تجربتي في الاعتقال. قرأتُ الكثير من الكتب التي يتحدث أصحابها عن تجربتهم في المعتقلات، ومنهم من عاش تجربة طويلة، وبعضهم اختبر تجربة قصيرة لا تتعدى سنة أحيانًا.. كل تلك التجارب كانت غنية وفيها من التحدي ما يروى لتتعلم منه الأجيال؛ فالكتابة في تجربة اعتقال يرويها أصحابها تكون فيها المشاعر حقيقية وصادقة؛ لأن مثل هذه التجربة قد عجنت بالألم والمعاناة ونضجت من رحم القهر والظلم، لذلك يحث الكتَّاب والمهتمين بأدب السجون الأسير على كتابة تجربته؛ لتطل الأجيال على شهادات حية وحقيقية، توثق تجارب الأسرى في مواجهة السجَّان وتحديهم لظروف السجن القاهرة وإدارته القمعية.
هذا الأمر شجّعني على كتابة جزء من تجربة عمرها ثمانية عشر عامًا؛ هي مدة وجودي حتى الآن خلف قضبان السجن.
تعلمنا منذ الصِّغر أن السجون هي مدارس وأكاديميات ثورية، تُخرِّج الكوادر القادرة على تغيير الواقع نحو الأفضل، ولأن الثقافة هي عماد الأسر؛ فإن الكثيرين من الأسرى يتفتح وعيهم ويتغير نمط تفكيرهم بشكل أفضل بسبب ما ينهلون من علم وثقافة يتفوقون به على أقرانهم بالحياة العادية بشكل كبير.
وهنا في داخل السجن مدارس حقيقية للتعلم في شتى المجالات، حيث يوجد الكثير من الكتب للقراءة والتثقيف؛ ولأن وقت الفراغ طويل فإن الأسرى يستغلونه في تثقيف الذات والتعلُّم فيما يرغبون. وحين أراد الاحتلال للسجون أن تكون مكانًا لتحطيم المناضلين؛ فإن أبطال الحرية قد حوّلوها لمصانع للثوار والمقاومين. و في سجون الاحتلال لا يمكن القبول بالذل أو الخنوع، فالجميع هنا متماسك مهما كانت شدة الريح، لأننا أصحاب حق وحرية ومؤمنون بحتمية النصر وعدالة أنبل قضية عرفها التاريخ.
قيّم هذا الكتاب
هل استخدمت هذا المنتج من قبل؟
لا توجد أي مراجعات بعد