إن مؤسسة القضاء الدستوري أصبحت رمزاً لحداثة النظام السياسي ولسيادة القانون في الدولة، فالإجتهادات التفسيرية التي تقوم بها تلك المحاكم حول العالم أدت إلى تطوير المنظومة الدستورية والقانونية للدول، وبالتالي إلى تكييف النصوص مع متطلبات الواقع والحداثة الإجتماعية...
إن مؤسسة القضاء الدستوري أصبحت رمزاً لحداثة النظام السياسي ولسيادة القانون في الدولة، فالإجتهادات التفسيرية التي تقوم بها تلك المحاكم حول العالم أدت إلى تطوير المنظومة الدستورية والقانونية للدول، وبالتالي إلى تكييف النصوص مع متطلبات الواقع والحداثة الإجتماعية والإقتصادية والسياسية. إن دسترة التشريع تؤدي إلى دسترة الخطاب السياسي، وبذلك نحصن المؤسسات السياسية والقيم الديمقراطية والتوازن بين السلطات، ونقدس الحقوق والحريات الأساسية للإنسان والمواطن، كلها مسائل باتت اليوم في عهدة القضاء الدستوري وعنايته. إن الإحتكام إلى قضاة مختصصين في تفسير مواد الدستور، لا ينال من صلاحية السلطة التشريعية، بل يساهم في ضبط التشريع العادي ويجعل إرادة البرلمان متطابقة مع الإرادة التأسيسية للشعب والتي عبّر عنها في الدستور. في لبنان ليس المطلوب أن نطبق آخر التحديثات الغربية في عملية صناعة القانون، ولكن علينا بالحد الأدنى إحترام الدستور وتطبيقه، والإعتراف للقاضي الدستوري المتخصص بدوره الريادي في تقديم التفسير الأصيل والعلمي والمتوازن للنصوص، وليس كما تقتضي التسويات السياسية والمصالح الفئوية. فالميثاقية ليست حجّة لتدمير النظام البرلماني وتعطيل المؤسسات الديمقراطية، والممارسة السياسية إذا ما واءمت بين البرلمانية والميثاقية، يستطيع النظام السياسي اللبناني أن يكون مثالاً فريداً لأنظمة المشاركة ونموذجاً راقياً لإدارة المجتمعات التعددية، ولا يتحول إلى نظام ينتج الأزمات والشلل والفراغ عند كل إستحقاق.