تُعد وحدة العناية المركزة الجزء الحساس في قلب أي مستشفى ممكن أن تتواجد فيه؛ وعلى الرغم من خطورة الحالات التي تشهدها والتي اصطلح الغالبية بتسميتها بــ (الميؤوس من شفائها) إلا أن مرضاها ما زالوا يتمتعون بإستمرارية أجهزتهم الحياتية (القلب والرئتين) على الرغم من فقدان الوعي فهم...
تُعد وحدة العناية المركزة الجزء الحساس في قلب أي مستشفى ممكن أن تتواجد فيه؛ وعلى الرغم من خطورة الحالات التي تشهدها والتي اصطلح الغالبية بتسميتها بــ (الميؤوس من شفائها) إلا أن مرضاها ما زالوا يتمتعون بإستمرارية أجهزتهم الحياتية (القلب والرئتين) على الرغم من فقدان الوعي فهم محلاً للحماية الجنائية ضد أي سلوك يحاول إنتهاك حقهم في الحياة. حاولنا الإحاطة بالموضوع بالقدر المستطاع منه فكان لزاماً علينا أن نبين مفهوم الإنعاش الصناعي، وإجراءاته ومدى أهميته، وحكمه بالنسبة للمريض والطبيب معززين ذلك بشروط ممارسة الطبيب لعمله الطبي ومراحله متعمدين إلى إبراز دور الطب والفقه الإسلامي والقانون من ذلك، وفي مجال أبراز الأساليب المجرمة التي تقع من قبل ملاك العناية المركزة حاولنا البحث عن أكثر الأنشطة الإجرامية شيوعاً والأقرب وقوعاً بالنسبة للواقع، ومن بينها وأبرزها قضية القتل بدافع الشفقة التي تبنتها معظم التشريعات الغربية، فضلاً عن جريمة القتل بالإمتناع عن المساعدة وجريمة إنتهاك حرمة موتى الدماغ، وفي مجال الأخطاء الطبية تناولنا جريمة الخطأ في خطأ الطبيب في التشخيص ووصف وإعطاء العلاج. إضافة إلى ما تقدم فلا تنحصر هذه الدراسة بشخص الطبيب فقط، فالعناية المركزة منظومة كاملة من ردهة وملاك طبي ومساعدين فضلاً عن الجهة العليا المتمثلة بمدير المستشفى، لذا كان التوجه بسؤال الطبيب ومساعديه والبحث في إمكانية سؤال الأول عن أخطاء الثاني أو الإثنين معاً وصولاً إلى دور إدارة المستشفى كشخص معنوي يمكن أن يكون له دور في تحقق النتيجة الجرمية بوساطة أخطائه في التوجيه والمراقبة ومتابعة الوضع الصحي، إلا أن هذه الدراسة لم يكن محلها توجيه اللوم لذات الطبيب وشخصه، فسلطنا الرؤية حول فرضيتين الأولى متمثلة بالأخطاء المهنية التي تحدث من الطبيب لجهله وإهماله، أو لواقع صحي سيء في المستشفى من أجهزة وطرق علاج قديمة أو قلة الأسرّة ورداءة نوعيتها والتي بمجملها أسباب تفرض وجودها على الطبيب تدفعه إلى الوقوع في الخطأ الذي يحمله المسؤولية فيما بعد، أما الفرض الثاني فهو متابعة سلوك القلة القلية من الأطباء والمساعدين الطبيبين الذين يقعون في الأخطاء الطبية عمداً عن قصد أيا كانت البواعث والغايات أو حتى بدون هدف. هذا ولم تكن دراسة نظرية بحتة فحاولنا قدر الإمكان ربطها بالواقع العملي الذي يشهد الطب حالياً وما تتلقاه مسامعنا عن الأخطاء الطبية الشائعة الحدوث وحتى النادر منها آخذين بنظر الإعتبار قداسة مهنة الطب وإنسانيتها وما قد يقع فيه بعض الأطباء أو الممرضين من أخطاء لا تعبر في مضمونها عن سوء نية مرتكبها وما يلعبه الوضع الطبي في المؤسسة الصحية أحياناً من تأثير على الأطباء ومساعديهم سواء بالسلب أو بالإيجاب، وبما أننا ندرس موضوع المسؤولية الجنائية الطبية بمفهومها الواسع الموضوعي والإجرائي فلم ننسى إجراءات تحريك الدعوى ضد المتهمين وطرق إثباتها ومحاولة عرض العقوبات التي حددتها القوانين العامة كقانون العقوبات، والخاصة كالقوانين المهنية والقوانين المنظمة لعمل المستشفى وملاكها.