يتناول موضوع الكتاب السُّلطة الإجرائيَّةٍ وأصول تكوينها في النظاميْنِ البرلماني والرئاسي، وعلى الرغم من كون هذا الموضوع من المواضيع الكلاسيكية الغنيَّة بالمصادر والمراجع، ألا أنه قد تمَّ بذْلُ الجْهُود لإضافة شيء لكونه مِنْ المواضيع الحيويّةً والواقعيّة التي تلامسُ...
يتناول موضوع الكتاب السُّلطة الإجرائيَّةٍ وأصول تكوينها في النظاميْنِ البرلماني والرئاسي، وعلى الرغم من كون هذا الموضوع من المواضيع الكلاسيكية الغنيَّة بالمصادر والمراجع، ألا أنه قد تمَّ بذْلُ الجْهُود لإضافة شيء لكونه مِنْ المواضيع الحيويّةً والواقعيّة التي تلامسُ الأنظمة السياسيَّة المُختلفة. وبغض النَّظرُ عَنْ جَدَليَّةٍ العلاقة بين السُّلطة الإجرائيةُ والسُّلْطةِ التًّشريعيَّةُ، فقد احتلت الأولى مكانةً هامة ضمن الدراسات الدستوريَّة والسياسيَّة، وأخذت إشكاليَّةُ تكوين السُّلُطْةِ الإجْرائيَّة حيزاً مُهِمَّاً بَيْنَ هذه الدراسات: لما لهذه السُّلطة من دورٌ في تقرير سياسةِ الدولة وبناء مستقبلها... فالتَّجاربُ العالميَّة تباينْتُ في تكوين السُّلطات الإجرائيَّة، كما وتباين أداء السُّلُطَاتِ الإجرائيَّة في النُّظُم المُخْتلِفةُ، حسب طريقة تكوينها، بيْد أن هناك قاسماً مشتركاً في مختلف هذه السُّلُطَات، ويتجسَّدُ ذلك في دور السُّلْطَةِ الإجْرائيَّةِ في النظام السياسيُّ، لتحقيق مطالب الشعب داخليّاً وخارجيّاً. إنَّ ألية اختيار هذه السُّلْطةِ تختلف بإختلاف النظام السياسي المُتَّبع، وبإختلاف شكل الحُكم والنظام الدّستُوريُّ القائمُ، وقد ساهم تطور الآليات الديمقراطيةُ في تَعْقيدِ آليَّةٍ تكوينَ السُّلطة الإجرائيَّة، لا سيَّما بعد أن تعددت نماذج العمل الحزبي في الأنظمة السياسيَّة، وتزايد دورها وطبيعة الصراع القائم فيما بينها للوصول إلى السلطة الإجرائية، والتي تنعكس على طبيعة القواعد والتشريعات القانونيَّة المنظمة لذلك، ولا سيما المتعلقة منها بقضية تظيم الإنتخابات، وكيفيَّة صياغة قواعد القانون الإنتخابي الذي يعدُّ العُنصر الفعالُ في الوصول إلى السلطةِ في مختلف النظم السياسية الدّيمُقراطيّة. وتأتي هذه الدراسة للبحث وفق معيارين أساسيين في أصول تكوين السُّلطة الإجرائيَّة في النُّظْم البَرْلمانيَّة والرّئاسيًّة، وهما طبيعةُ التَّعدُّديَّة الحزْبيّةُ، وطريقةُ الإنتخابات وآليّاتُها في هذه النُّظُمُ. وقد كانت إشكاليّةُ الموضوع تكمنُ في الأزمات والإشكاليّات التي رافقت عملية تكوين السلطة الإجرائيّة وإنعكاس ذلك على أداء النظام السياسيّ بعامّةٍ، وإنعكاسه سلباً على حياة المُواطنين لمّا تتمتَّعُ به السُّلطةُ الإجرائيَّةُ مِنْ سلطاتٍ لها مساسٌ يوميٌّ بحياة المواطنين. وعلى الرغم من تعدد الدُّول التي تأخُذُ بالنظامين البرلماني والرئاسيّ، فقد اقتصرت الدراسةُ على ذكرٍ نماذج لهما، إذ تمّ دراسة النموذج البريطاني بوصفه النموذج الأعْرَق للنْظام البرلمانيّ الملكي، والنموذج الإيطاليُّ بوصفه نموذجاً للنظام البرلمانيّ الجُمْهُوريّ.