إن برامج تشكيل الحكومة في دساتير العراق، وقد شهدت تبايناً كبيراً في مداها كمؤسسة دستورية، وكذلك في بيان دورها عند الإضطلاع بواجباتها ضمن مؤسسات الدولة، إذ أن الدساتير لم تحدْد مفهوماً واضحاً لهذه المؤسسة الرسمية ومما لا شك فيه، أن تحديد أدوار السلطات العامة ومؤسساتها...
إن برامج تشكيل الحكومة في دساتير العراق، وقد شهدت تبايناً كبيراً في مداها كمؤسسة دستورية، وكذلك في بيان دورها عند الإضطلاع بواجباتها ضمن مؤسسات الدولة، إذ أن الدساتير لم تحدْد مفهوماً واضحاً لهذه المؤسسة الرسمية ومما لا شك فيه، أن تحديد أدوار السلطات العامة ومؤسساتها يعتمد على نظرة واضعي الدستور وخياراتهم، إذ أن بعض من هذه الدساتير مستحوذ على جميع سلطات الدولة، وفي مقدمتها التشريع والتنفيذ وأخرى جعلت من مجلس الوزراء مجرد هيئة تنفيذية في نصوص الدستور؛ هذا التباين في طريقة تشكيل الوزارة ربما يعود إلى عدم وضوح معالم النظام السياسي الذي أخذ به الدساتير السابقة، لكن، وبعد العام 2003 تبنى قانون إدارة الدولة للمرحلة الإنتقالية لسنة 2004 النظام البرلماني، وعلى المسلك نفسه سار دستور 2005 الذي أشار صراحة إلى الأخذ بهذا النظام، مبيناً التنظيم الشكلي والموضوعي لتشكيل الحكومة الوزارية. من هذا المنطلق، يأتي هذا البحث الذي يشير عنوانه إلى طريقة تشكيل الحكومة في ظل دستور 2005، وبالتالي فإن نطاق البحث يدور في فلك تشكيل الحكومة الوزارية، من ناحية برنامج اختياره وصلاحياته ودور الأحزاب في تشكيل الحكومة، ولذلك كان التركيز في هذا البحث على الأمور التي تتعلق بأشخاص الوزارة، بإستبعاد بعض الأمور التي تدخل في نطاق القانون الإداري والصلاحيات والسلطات. وإلى ذلك، فإن الدراسة المقارنة مع الدساتير التي تأخذ بصورة أو بأخرى بالنظام البرلماني، ضرورية لإبراز نقاط القوة للأخذ بها، وبيان مواطن الخلل تمهيداً لتلافيها؛ ولذلك ركزت الدراسة على بعض الدول في هذا المجال كلبنان؛ إضافة إلى النظام الدستوري الإنجليزي الذي هو أصل النظام البرلماني. وقد اعتمد الباحث في دراسته هذه المنهج التحليلي المقارن، إذ تمت المقارنة بين نصوص الدستور العراقي (المتعلقة بتشكيل الحكومة) وبين بعض الدساتير الأخرى، ومنها الدستور اللبناني، باعتبار أن الدستورين قد اتبعا النظام البرلماني في محاولة لبيان نقاط الضعف والقوة فيهما أيضاً. هذا ويهدف تجسيد أهمية ما تقدم ذكره، فقد تم تقسيم البحث، الذي يأتي بمثابة أطروحة لنيل الباحث درجة الدكتوراه؛ إلى قسمين: تناول في القسم الأول: الإطار النظري لطريقة تشكيل الحكومة الوزارية من خلال فصلين: انصب اهتمام الباحث في الأول منهما على منشأة الحكومة وتطورها، من خلال بيان المعنى الإصطلاحي للحكومة وإيضاح ماهية الحكومة الوزارية وأشكالها، أما في الفصل الثاني: فتم تناول اختيار أعضاء الحكومة في النظم البرلمانية المقارنة من خلال بيان العوامل المؤثرة في تشكيل الغرفة الوزارية في بريطانيا كمبحث أول، وتشكيل الحكومة الإئتلافية في النظم البرلمانية المقارنة كمبحث ثان. بينما جاءت دراسة القسم الثاني لتعالج مسألة أساسية تتعلق بإشكالية تكوين الحكومات في النظام اللبناني والعراقي بين النص الدستوري وبين الممارسة العملية، وذلك لوجود كثير من القواعد العملية والسياسية التي تحكم هذا التأليف في ظل مجتمع متعدد ويمثل جميع الأحزاب في إدارة شؤون الدولة، وذلك من خلال فصلين: انصب الإهتمام في الأول منهما على موضوع طبيعة النظام السياسي في العراق ولبنان. أما الفصل الثاني فتم فيه تناول مسألة الإعتبارات السياسية والقانونية المؤثرة في تشكيل رئاسة الحكومة، من خلال شروط اختيار رئيس وأعضاء مجلس الوزراء كمبحث أول، ثم موضوع الإعتبارات السياسية المؤثرة في اختيار رئيس مجلس الوزراء كمبحث ثانٍ. وأخيراً، تم توصل الباحث في نهاية هذا البحث إلى جملة من النتائج والتوصيات.