يعتبر موضوع الفساد الإداري من الموضوعات البالغة الأهمية ؛ إذ يعدّ الفساد بجميع مظاهره من أخطر الآفات التي تدُب في كيان المجتمعات والدول والأنظمة الإدارية وتعيق تنميتها ، وتعثّر رقيها ، وتثبط تطورها . والفساد ، كما هو معلوم ، ظاهرة عالمية لا يكاد يخلو مجتمع من المجتمعات ، أو...
يعتبر موضوع الفساد الإداري من الموضوعات البالغة الأهمية ؛ إذ يعدّ الفساد بجميع مظاهره من أخطر الآفات التي تدُب في كيان المجتمعات والدول والأنظمة الإدارية وتعيق تنميتها ، وتعثّر رقيها ، وتثبط تطورها . والفساد ، كما هو معلوم ، ظاهرة عالمية لا يكاد يخلو مجتمع من المجتمعات ، أو دولة من الدول ، قديمها وحديثها من جوانب هذا الفساد ، ولا سيما الفساد الإداري ، وبضمنها المجتمع الإسلامي ، على الرغم من الطُّهر والنقاء والعفة التي ميّزت الفكر الإسلامي على مر العصور والأزمنة . ولعل مرد هذا إلى الثقافة المجتمعية ، وغيبة الرؤيا ، وتداخل القضايا ، وازدواج النظر ، إلى جانب اللهاث وراء تحقيق المصالح الشخصية ، والمنافع غير المشروعة ، ومحاولة التهرب من الكلفة الواجبة ، علاوة على ضعف الوازع الأخلاقي والديني ، وفتور الأجهزة الرقابية ، فضلاً عن الإنفصام بين النظرية والتطبيق والقناعة والأداء والتصور والسلوك ، لذلك أخذت الدول تهبّ لمقاومة الفساد ومكافحته بجميع أشكاله ، نامية ، ويشكل هذا النمط مركّزة على معالجة الفساد الإداري بوجه مخصوص ؛ ذلك أن الفساد الإداري يستشري في أغلب مؤسسات الدول الإسلامية ، ولا يزال يمثل مشكلة كبيرة تعاني منها هذه الدول ، سواء أكانت متقدمة أم نامية ، ويشكل هذا النمط من الفساد غالباً نقطة انطلاق إلى أنماط الفساد الأخرى . من هنا تأتي أهمية هذا البحث الذي تجلت أهميته لدى الباحث في نواحٍ مخصوصة : أولاً : نظراً لبروز الفساد الإدارة وغيره من أشكال الفساد في إقليم كوردستان وتدفق الأموال ، بعد انهيار النظام السابق في عام 2003 ، وكثرة الإستثمار ، وظهور تنافس شديد بين الأحزاب السياسية الكردية .. ثانياً : توسع دائرة الفساد الإداري مع تطور البشر محلياً وإقليمياً ودولياً ، مما لزم درسه والبحث فيه . ثالثاً : لا يخلو إقليم كوردستان في العراق - مجتمعاً وإدارة - من أشكال الفساد الإداري ، بحيث شكّلت معضلة الفساد الإداري فيه ظاهرة قائمة يصعب فيها تمييز الأبعاد والأسباب . رابعاً : إستشرار أنماط الفساد الإداري والسياسي والمالي في إقليم كوردستان وتلازمها مع بعضها واختلاطها بحيث يسر الفصل بينها لفرض الإصلاح والمعالجة . لذلك عمد الباحث إلى دراسة الفساد الإداري لضمان مكافحة هذا الشكل في كوردستان ، ومعالجته من منظور إسلامي ، كونه سبباً أو نتيجة للفساد السياسي . خامساً : الإسهام العلمي المدروس في تحديد اسباب الفساد الإداري ، وتعيين صوره وأشكاله ، وانتهاج سبل معالجته من منظور الشريعة الإسلامية . هذا ، وقد اقتضت طبيعة موضوع الفساد الإداري تقديم هذه الدراسة التي اشتملت على ست فصول ، استهلت بمقدمة ، واختتمت بخاتمة تضمنت أهم نتائج البحث ، وتوصيات الباحث . وقد تمحور للبحث في هذه الفصول الستة حول المواضيع التالية : 1- تأطير مصطلحات العنوان والتطور التاريخي للفساد الإداري ومدلوله . 2- أنواع الفساد السياسي والإجتماعي والأخلاقي والإقتصادي والمالي والثقافي والعلمي والديني ، ودراستها . 3- أسباب الفساد الإداري . 4- مظاهر الفساد الإداري وآثاره وأضراره . 5- إستراتيجيات مكافحة الفساد الإداري وأهدافها وآلياتها . 6- سبل معالجة الفساد الإداري وخطوات الإصلاح في الفكر الإسلامي - إقليم كوردستان أنموذجاً - أما منهج الباحث ، فقد ركن إلى استعمال المنهج الإستقرائي ماهية التتبع النظري لتعريفاته ، والبحث عن اسبابه وآثاره وأضراه ، وتقصي أشكاله ، إلى جانب اتباع المنهج النقدي بالبحث عن موارد نصوص التشريعات والقرارات المعمول بها في إقليم كوردستان العراق .