يتطرق هذا الكتاب إلى مسألة مهمة أثارت جدلاً كبيراً ألا وهي الفدرالية وآلية تطبيقاتها الدستورية ومدى ملاءمتها كمبدأ ونظام، لذا فإن المبدأ الفدرالي يرتبط إرتباطاً وثيقاً بالدّيمقراطيّة، وتلعب العوامل الجغرافية والإقتصادية والتاريخية والبيئية والأمنية، دوراً بإتجاه...
يتطرق هذا الكتاب إلى مسألة مهمة أثارت جدلاً كبيراً ألا وهي الفدرالية وآلية تطبيقاتها الدستورية ومدى ملاءمتها كمبدأ ونظام، لذا فإن المبدأ الفدرالي يرتبط إرتباطاً وثيقاً بالدّيمقراطيّة، وتلعب العوامل الجغرافية والإقتصادية والتاريخية والبيئية والأمنية، دوراً بإتجاه تقوية الدافع نحو الإتحاد، فضلاً عن معالجة ضرورة التعبير عن الهوية الإقليمية. ويوجد تفويض للكيان المركزي للإتحاد بالبعض من الصلاحيات المشتركة مع الإحتفاظ ببعض الصلاحيات لهذه الأجزاء أو الولايات، بما يعني توافر الإستقلال الذاتي للولايات المكونة للإتحاد ولهذا أهم ما تتميز به الدول الفدرالية أو الإتحادات الفدرالية هو الإستقلال الذاتي لكل ولاية أو دولة مشتركة في الإتحاد. وبالتالي، فإنّ الدولة الفيدراليّة والنظام الفدرالي على نقيض الحكم المركزي الذي من شأنه الإحتكار لكل المؤسسات الدستورية للدولة، والإستئثار بكل السلطات المركزية فيها. إنّ الفيدراليّة هي أفضل وسيلة في إدارة الدولة التي فيها أكثر من قومية أو طوائف ومذاهب وأطياف متعددة، خاصة إذا ما كانت الحريات والحقوق معطلة كليّاً في الدولة؛ ففي الفيدراليّة إحترام للتعدديات (سواء منها: القومية، الدينية، المذهبية، السياسية)، وهو حل لمشكلة المشاركة المزمنة في السلطة بما يؤمن حقوق المكونات ويكفل لها إدارة سياستها الخاصة وشؤونها الأمنية والإقتصادية والإجتماعية، لأنها تساعد على تمثيل الجماعات الأقلية بشكل أفضل، لأن الديمقراطية التنافسية المستندة إلى حكم الأكثر الإنتخابية قد تغلق الطريق أمام هذه الجماعات بشكل دائم فلا يكون لها دور في الحكومة المركزية، في حين تعزز وجودها ودورها في ظل الحكم الفدرالي. وتكون عاملاً أساسياً لإزالة مشاعر الإستقلال والخوف والإنفصال، كما أن الفيدرالية ترتبط مبادئ الدفاع عن حقوق الأقليات والإثنيات القومية والدينية الصغيرة بالتوجه نحو إضعاف مفهوم الدولة المركزية، وفي تطبيق الفيدراليّة حماية للوحدة الوطنية ومنع التقسيم، فالفدرالية قادرة على تحقيق مصالحة بين القومية والديمقراطية في الدول متعددة القوميات ومنه العراق من خلال منح المناطق التي تتركز فيها الأقليات السلطة الذاتية لإدارة شؤونها المحلية، كتأمين حقوقها اللغوية والثقافية وممارسة شعائرها الدينية، وحمايتها من إنتقادات أو تدخلات القومية التي تشكل الأغلبية. لذا يحاول هذا الكتاب مناقشة إشكالية قانونية تتجلى في ملائمة النظام الفدرالي كنظام حكم، وما هي التطبيقات الدستورية للفدرالية، وهل سيساعد تطبيقها بالمحافظة على حقوق مكونات الشعوب، وهل تهدد الفيدراليّة وحدة الدول وتكون أساساً للإنفصال.