إن المسؤولية تعد محوراً لأي نظام قانوني، إذ يُمكنها أن تكون أداة لتطوير قواعده بما تؤمنه من ضمانات ضدّ التعسف، والتحوّل من كونها قواعد نظرية إلى إلتزامات قانونية.وفي مجال القانون الدولي، فإنّ المسؤولية ترتبط بحالات الإخلال بالإلتزامات التي يفرضها هذا القانون على أشخاصه،...
إن المسؤولية تعد محوراً لأي نظام قانوني، إذ يُمكنها أن تكون أداة لتطوير قواعده بما تؤمنه من ضمانات ضدّ التعسف، والتحوّل من كونها قواعد نظرية إلى إلتزامات قانونية. وفي مجال القانون الدولي، فإنّ المسؤولية ترتبط بحالات الإخلال بالإلتزامات التي يفرضها هذا القانون على أشخاصه، سواء تلك المُتعلقة بالقواعد العامة أم تلك المُتعلقة بقواعد القانون الدولي لحقوق الإنسان، وهذا جوهر دراستنا للمسؤولية الدولية عن إنتهاكات حقوق الإنسان. ونتيجة للإنتهاكات الصارخة والمستمرة لحقوق الإنسان دفعتنا إلى إختيار هذا الموضوع المتعلق بمدى مسؤولية الدول والكيانات الأخرى من غير الدول عن هذه الإنتهاكات. ففي السنوات الأخيرة استحوذت ممارسات الدول، والكيانات الأخرى من غير الدول في مجال حقوق الإنسان على إهتمام كبير، وبما أن القواعد الحالية ليست كافة لترتيب المسؤولية الدولية عن جميع الإنتهاكات، فيجب تطوير قواعد المسؤولية أو تطوير قواعد القانون الدولي لحقوق الإنسان فيما يتعلق بالمسؤولية الدولية عن تلك الإنتهاكات. وكان من الواجب أن نركّز في دراستنا على المسؤولية الدولية في القانون الدولي لحقوق الإنسان، لأن القوانين الدولية في حد ذاتها لا تكفي، ومن الضرورات الحيوية التحقق من إحترام هذه القوانين وتعهد الدول بسن التشريعات اللازمة لفرض عقوبات رادعة على الأشخاص الذين يرتكبون أو يأمرون بإرتكاب أيا من الإنتهاكات الخطيرة، سواء أحددتها الإتفاقيات أو لم تحددها.