من المسلّم به أن للنظرية العامة للإلتزامات أهمية قصوى في الأنظمة القانونية، فهي بمثابة العمود الفقري للقانون برمته، بل هي بمنزلة حجر الأساس للدراسات القانونية بصفة عامة، لذا فنظرية الإلتزام تُعَد الأصل في تفسير المسائل في ميدان القانون الخاص والعام.فالقانون الإداري...
من المسلّم به أن للنظرية العامة للإلتزامات أهمية قصوى في الأنظمة القانونية، فهي بمثابة العمود الفقري للقانون برمته، بل هي بمنزلة حجر الأساس للدراسات القانونية بصفة عامة، لذا فنظرية الإلتزام تُعَد الأصل في تفسير المسائل في ميدان القانون الخاص والعام. فالقانون الإداري مثلاً يستعين بالكثير من قواعد النظرية العامة للإلتزامات، لا سيما في ميدان العقود الإدارية، وينبسط هذا الأثر على القانون الدولي العام الذي يستند إلى قواعد النظرية العامة للإلتزامات كما هو الحال في مجال المسؤولية والمعاهدات الدولية، بل إن القواعد العامة للتصرف القانوني وقواعد المسؤولية والإثراء بلا سبب تنطبق في كل مجالات القانون. لذا، أضحت النظرية العامة للإلتزامات بحق دعامة أساسية للقوانين كلها، وتتصف قواعدها بالعالمية والدوام والتطور إذ تتأثر بالعوامل الإقتصادية والإجتماعية والأخلاقية والسياسية، وبالإضافة إلى ما تقدم فإن تلك القواعد تُعَد المعيار الضابط في تكوين الملكة القانونية وتطور الفكر القانوني والإحاطة بعلم القانون والتفقه به الذي يأتي من إستيعاب قواعد النظرية العامة للإلتزامات والإحاطة بأصولها ومبادئها ومدلولاتها. وقد لاحظنا أن المنهج الحالي قد مرّ عليه أكثر من ثلاثة عقود ونصف من الزمن فصار لا يواكب المتغيرات والتطورات الإقتصادية والإجتماعية والسياسية والأخلاقية والتطور التكنولوجي الهائل فضلاً عن إستعمال أمثلة لا تنسجم مع الواقع الحياتي للإنسان والميل إلى الإسهاب بالتنظير والإيجاز من الأمثلة العملية وإستعمال أسلوب بعيد عن التبسيط على نحو قد يصعب إستيعابه، وهو أمر ألزمنا بكتابة مؤلف في مصادر الإلتزام نراعي فيه المتغيرات السابق ذكرها وبأسلوب مبسط وبأمثلة عملية مستقاة من الواقع اليومي بما يسهل إستيعاب النظرية العامة للإلتزامات وقد اتخذت سبيلاً بين الإسهاب الممل والإيجاز المخلّ مع إبراز أصالة الفقه الإسلامي من خلال مقارنته بالفقه القانوني والقوانين المعاصرة في بعض المسائل من دون التقيد بمذهب معين، ليكون مرجعاً للقضاة والمحامين والحقوقيين وطلبة القانون.