يُعالِجُ هذا الكتاب الحق بوصفه أسمى قيمة في عالم القانون، بل هو غايته التي ظهر لبلوغها، وهذا ما تفسرُهُ نظريات العقد الإجتماعي في تفسير نشوء المجتمع المُنظَّم المتمثِّل في الدولة؛ كما أنه يتصدَّى للأفكار التي ذهبت ودأبت إلى إنكار فكرة الحق من جهة، ويطرح تعريفاً خاصاً...
يُعالِجُ هذا الكتاب الحق بوصفه أسمى قيمة في عالم القانون، بل هو غايته التي ظهر لبلوغها، وهذا ما تفسرُهُ نظريات العقد الإجتماعي في تفسير نشوء المجتمع المُنظَّم المتمثِّل في الدولة؛ كما أنه يتصدَّى للأفكار التي ذهبت ودأبت إلى إنكار فكرة الحق من جهة، ويطرح تعريفاً خاصاً يُحاكي الجوهر الحقيقي لمفهوم الحق من جهة ثانية، ويدفع كلَّ توجُّه أخطأ الصواب في إنزال الحق منزلته الواجبة من جهة ثالثة.
وهذا ما دفع المؤلف إلى تقسيم الكتاب بما يتَّفق مع هذه المُشكلات التي تُحيط بفكرة الحق، وبشكل مُتَّسقٍ مع أبواب الفلسفة الثلاثة الكُبرى: الوجود (الأنطولوجيا)، والمعرفة (الأبسمولوجيا)، ومباحث القيم (الأكسمولوجيا)؛ فقد دَحَضَ هذا الكتاب جميع الأفكار التي توجَّهت إلى إنكار فكرة الحق، لإعتبارات متنوعة، منها سياسية وأخرى إقتصادية وثالثة إجتماعية ورابعة وضعية، وعلى رأسها آراء "أوجيست كونت" و"ديكي"، وقد قدَّم الكتاب حُججاً بالغة الأهمية في إثبات وجود فكرة الحق.
كما سلَّط الكتاب الضوء على جميع التعريفات التي قيلت في الحق، وتمَّ وضعها في ميزان التقويم، وخرج بتعريف غير مسبوق له في أنه: قيمة كيان الشخص في المجتمع جديرة بالحماية، وما يفرزه هذا التعريف من مزايا ونتائج ذات أثر على مجمل الأنماط والأوضاع القانونية.
كما قدَّم الكتاب توصيفات مهمة غير مسبوقة في توضيح منزلة الحق من الواجب من جهة، ومنزلته من القانون من جهة أخرى، ووضع قراءات جديدة لأفكار مُحدثة في علم القانون، ومنها فكرة سمو الحق على القانون، والفوارق التفصيلية في توجهات كل من فلسفة النظام وفلسفة الحق في مختلف الحالات القانونية التي يفرزها الواقع.
هذا وقد عمد المؤلف إلى ترجيح أفكار المدرسة الطبيعية في القانون، وتصدَّى للأفكار التي خرج بها الوضعيون في نظرتهم للحق، كما جاء الكتاب بتقسيم متجدد للحقوق فوزَّعها إلى شقين: طبيعية يتساوى فيها الناس جميعاً، ووضعية يتفاوت فيها الناس بحسب أوضاعهم.
كما قدَّم الكتاب تمييزات حثيثة بين الحق من جهة، وكل من الحرية والإباحة والوظيفة والولاية والمكنة والحماية والدعوى والعدل والمصلحة من جهة أخرى، كما خرج الكتاب بنتائج تُفيد إضاءة الطريق للإعمال بفلسفة الحق في هذه المرحلة الراهنة التي نعيشها اليوم، والتي بدت للمؤلف مؤقتة ينشُد الإنسان فيها دوماً أن تُوصله إلى القيمة المُطلقة في الحياة وهي الخير للإنسانية جمعاء.