لقد صنع القرآن الكريم المعجز وسنّة النبي صلى الله عليه وسلم الطاهرة حضارة عريقة تضاهي بعظمتها وحكمتها ورجالها أعظم الحضارات في وقتها وهما الروم وفارس، ولتبدأ السباق معهما في نشر مبادئها السامية لتفوقهما بكل فخر وإعتزاز حينما حكم الإسلام الأرض من الأندلس غرباً إلى الصين...
لقد صنع القرآن الكريم المعجز وسنّة النبي صلى الله عليه وسلم الطاهرة حضارة عريقة تضاهي بعظمتها وحكمتها ورجالها أعظم الحضارات في وقتها وهما الروم وفارس، ولتبدأ السباق معهما في نشر مبادئها السامية لتفوقهما بكل فخر وإعتزاز حينما حكم الإسلام الأرض من الأندلس غرباً إلى الصين شرقاً، وتغلغل في بطون أوروبا، فذلك هو عز الأمة ومجدها الخالد. ومن تلك العلوم التي أظهر فيها العلماء سر التشريع الإلهي في كتابه وسنة نبيه صلى الله عليه وسلم علم الفقه وأصوله، والذي كان من أشرف العلوم قدراً، ومن أبدع العلوم الذي يسمو بما يستنبط فيه من أحكام، فبين الفقهاء العظام الأحكام المتعلقة بالكتاب والسنّة النبوية وكل حسب لغة وقته وعصره. ولقد اهتم فقهاء المسلمون بأحكام القرآن الكريم والسنّة الشريفة وجدّوا في بيانها للناس وإظهار بعض الأسرار التي كان تشريع الأحكام لأجلها، ومن هذه الأحكام ما جاءت نصوصها معللة، واعتمد الفقهاء صيغ التعليل الواردة فيها لبيان علة الحكم. ومنها ما هي غير معللة لكن فيها من المعاني ما يمكن أن تستنبط منها علم الحكم لإمكان إلحاق ما في معناها بحكمها، لأن غاية التعليل إلحاق الفرع بأصله لعلة جامعة بينهما. ومن تلك العلل التي استنبطها الفقهاء هي علة الربا والتي تمثل المعنى الذي تحتويه هذه الأصناف الربوية الستة المنصوص عليها بقول النبي صلى الله عليه وسلم: [الذهب بالذهب، والفضة بالفضة، والبر بالبر، والشعير بالشعير، والتمر بالتمر، والملح بالملح، مثلاً بمثل، سواء بسواء، فإذا اختلفت هذه الأصناف فبيعوا كيف شئتم إذا كان يداً بيد]؛ ليتعدى حكم هذه الأصناف إلى كل ما وجدت فيه علتها الربوية ليشمل حكم الربا المنصوص وغيره مما وجدت فيه علة الربا، والتي هي موضوع البحث هذا. نبذة الناشر: لقد تم إختيار موضوع هذا الكتاب "علّة الربا" لعدة أسباب أهمها: 1-إيضاح صورة للتطبيق الفعلي للترابط بين علم الفقه وعلم الأصول من ناحية عملية واقعية. 2-سعة أبواب الربا وكثرة صوره والمحاولة للتطرق لأكثر تلك الصور التي تتحقق فيها المعاملات الربوية. 3-إختلاف الفقهاء في تعيين علة الربا في الأصناف المنصوصة وإستخراجهم المعنى الذي شرع الحكم لأجله. 4-كثرة المسائل التطبيقية المتفرعة على أساس إختلاف الفقهاء في علة الربا والتي طفحت كتب الفقهاء بها، وكذلك ظهور مسائل معاصرة ابتلي الناس بها قد تكون عقوداً ربوية، ومحاولة لإيجاد حلول شرعية لها ما وجد لها مخرجاً. 5-إن التطور المستمر في الحياة ومسائلها المتجددة فيها يقتضي بيان حكم الله تعالى فيها ليظهر سر خلود الشريعة الإسلامية، وقدرتها على إحتواء المستجدات الذي يكمن في مصادرها المتعددة لتبقى هي الحاكمة لأفعال العباد في كل زمان ومكان.