الآمدي ناقد حصيف وقور غزير الثقافة، وقد سَلِمَت الغالبية من كتب النقد وتاريخ الأدب العربي بتلك المكانة التي يحتلها (كتاب الموازنة) وصاحبه.فالموازنة محطة نقدية مهمة انتهى إليها الكثير من القضايا النقدية، وانطلقتُ منها وثبة نهوضٍ في النقد العربي، لأنها حَفلت بمزيد من...
الآمدي ناقد حصيف وقور غزير الثقافة، وقد سَلِمَت الغالبية من كتب النقد وتاريخ الأدب العربي بتلك المكانة التي يحتلها (كتاب الموازنة) وصاحبه. فالموازنة محطة نقدية مهمة انتهى إليها الكثير من القضايا النقدية، وانطلقتُ منها وثبة نهوضٍ في النقد العربي، لأنها حَفلت بمزيد من المفاهيم النقدية، ولا سيما أنها أدارت الحوار والموازنة الناقدة بين أروع شاعرين هما: أبو تمام والبحتري. ويمثل عصر الآمدي قمة التطور الفني للأدب العربي القديم، فكان رجل عصره بجميع دلالاته، كما يمثل النقد العربي الخالص ويعني أن الأدب أدبُ والعلم علم والفلسفة فلسفة، وهذا مقياس الأفذاذ الذين استطاعوا أن يوازنوا بين الماضي الموروث والحاضر الحي من خلال الصراع الفكري بين الطائيين. فالنقد نتاج حضاري يواكب الحياة وتطورها، وقراءة التراث عن الآمدي مطلب حضاري وإنساني. سَعَتْ هذه الدراسة في الوقوف على دقائق مفاهيم الآمدي التي تنبّئ بإنصاف المحدثين، والكشف عن تشكيل مفاهيمه النقدية بأسلوبٍ تطبيقيّ، فالدراسة تُباين ما كُتِبَ عن الآمدي وموازنته، وإنْ كانت عناوين القضايا متشابهة أحياناً؛ لأنَّ أُمّات القضايا التي كانت مدارَ إهتمامِ النقد العربي في القرن الرابع للهجرة، ظلَّتْ مدارَ بحثِ النقد لقرونٍ تاليةٍ.