إن نجاح إيران في إقامة النظام الجمهوري الإسلامي، بعد إسقاط النظام الملكي، يقوم على أسس إسلامية ديموقراطية ومؤسسات رسمية عدة (عن طريق الإنتخاب أو بالتعيين) تشارك في عملية صنع القرار السياسي، الأمر الذي جعل من تجربتها الإسلامية تجربة تتميز بخصوصيتها وتفردها عن التجارب...
إن نجاح إيران في إقامة النظام الجمهوري الإسلامي، بعد إسقاط النظام الملكي، يقوم على أسس إسلامية ديموقراطية ومؤسسات رسمية عدة (عن طريق الإنتخاب أو بالتعيين) تشارك في عملية صنع القرار السياسي، الأمر الذي جعل من تجربتها الإسلامية تجربة تتميز بخصوصيتها وتفردها عن التجارب الأخرى في العالم. إلا أن النظام السياسي بدأ يواجه تحديات داخلية وخارجية حقيقية وأصعب إختبار، وبالذات قدرته على إحتواء الأزمة من ناحية والتكيف مع المطالب الجديدة من ناحية أخرى، فهل النظام السياسي قادر على إحتواء التحديات والمطالب؟ أم أنه سيتجه إلى التكيف معها؟ أم أنه سيتجه إلى التكيف معها؟ أم أنه سيتأثر إلى درجة إحداث تغيير في بعض مفاصله؟. فالمشكلة هي في عدم اليقين الذي ينتظر النظام السياسي الإيراني إنطلاقاً من هذه الإشكالية يأتي هذا البحث الذي يهدف إلى إستقراء مستقبل النظام السياسي في جمهورية إيران الإسلامية من خلال دراسة طبيعة النظام السياسي الإيراني القائم، من حيث المؤسسات الرسمية والقوى غير الرسمية، وتشخيص أثر المتغيرات السياسية والإقتصادية والثقافية والعسكرية فيه داخلياً، إلى جانب تلك المتغيرات المؤثرة فيه على الصعيدين الإقليمي والعالمي، وذلك في سياق عدد من الإحتمالات المستقبلية التي تتراوح بين والتي الإستمرار والتغيير. أما حدود البحث الزمنية، فإنه يبحث في النظام السياسي القائم منذ العام 1979 وإنتهاءاً إلى العام 2025 بمعنى أنه سوف يبحث في المستقبل المتوسط، وتم إختيار هذا التاريخ لسببين، الأول، أن أغلب الدراسات الأكاديمية تميل إلى دراسة المستقبل المتوسط (5 - 15 عاماً القادمة) كونها الأقرب إلى إمكانية التوقع من الفترات الأكثر بعداً، والثاني، أن العقد الثاني من هذا القرن يشار إليه كونه العقد الذي يتوقع فيه حدوث تحولات في النظام الدولي العام ونظمه الفرعية ولا يمكن إخراج إيران من التحولات التي ستجري خلال هذه المدة (2010- 2025)، وهو أحد مناهج الإستشراف ودراسات المستقبل. ويدرج هذا المنهج ضمن المناهج النظمية، الناتجة عن طريقة التحليل وفق مبدأ إيضاح العناصر المكونة للنظام كلها، والتي تعني متغيرات تستعمل كمؤشرات، ثم التركيز على التفاعل القائم بين هذه الأجزاء، وصولاً إلى صياغة فرضيات أو تراكيب لما يمكن أن يكون عليه كل متغير في زمان ما أو مكان ما، ثم بعد ذلك يمكن تحديد البدائل الممكنة في صياغة السيناريوهات أو المشاههد أو الإحتمالات الأوفر حظاً من غيرها في أن تكون حاضرة في المستقبل. وقد تم تقسيم البحث إلى خمسة فصول إضافة إلى المقدمة والإستنتاجات والتوصيات والخاتمة، تناول الفصل الأول النظام السياسي في جمهورية إيران الإسلامية، منظور تاريخي (الثورة الإيرانية 1979 وقيام النظام الإسلامي، تطورات النظام السياسي لجمهورية إيران الإسلامية)، أما الفصل الثاني فتناول المؤسسات الرسمية والقوى غير الرسمية في النظام السياسي الإيراني، أما الفصل الثالث فتناول المتغيرات الداخلية المؤثرة في مستقبل النظام السياسي، وتناول الفصل الرابع المتغيرات الخارجية المؤثرة على مستقبل النظام السياسي، وأخيراً دار الفصل الخامس حول الإحتمالات المستقبلية للنظام السياسي الإيراني.