يحتل عقد البيع في نطاق العقود مكانة لا يتطاول إليها أي عقد آخر، فمنه انبثقت الكثير من النظريات القانونية، وانبعثت أضواؤها التي أشعت على جميع نواحي القانون المدني.وإن عقد البيع بصورته الموغلة بالقدم وهي المقايضة يعد من أقدم العقود على الإطلاق، الذي استطاع أن يلبي حاجات...
يحتل عقد البيع في نطاق العقود مكانة لا يتطاول إليها أي عقد آخر، فمنه انبثقت الكثير من النظريات القانونية، وانبعثت أضواؤها التي أشعت على جميع نواحي القانون المدني. وإن عقد البيع بصورته الموغلة بالقدم وهي المقايضة يعد من أقدم العقود على الإطلاق، الذي استطاع أن يلبي حاجات الإنسان المتعددة في المأكل والملبس والمسكن… إلخ، فدلّ بذلك على أنه ضرورة لا غنى للمجتمع عنه. ومع التطور الحضاري للإنسان شهد عقد البيع بالتالي تطوراً لموالية هذه الحضارة التي أصبح هو من أهم أدواتها، وهو في تطوره لا يؤرخ لتطور الفكر القانوني فحسب؛ وإنما يؤرخ لتطور الإنسانية على كافة الأصعدة؛ وإلى هذا فإن لعقد البيع على صعيد التجارة والإقتصاد أهمية لا تقل عن أهمية النقود والمصارف بإعتباره أهم أدوات تداول الثروة وتنميتها، كما وعلى صعيد علم القانون بإعتباره القطب الذي تدور حوله العقود المسماة وغير المسماة. من هنا، تأتي هذه الدراسة التي وبالإضافة إلى ما سبق، تهدف إلى إغناء المكتبة القانونية العراقية بشرح للتقنين المدني والتي تناول المؤلف من خلالها عقد البيع ومتعلقاته، وهي دراسة ممتعة ومقارنة بالفقه الغربي والإسلامي، وقد جاءت على الشكل التالي: تركيز هذه الدراسة في عرضها لعقد البيع على تطبيق القواعد العامة في كل جزئية من جزئيات العقد، فجاءت تطبيقاً عملياً وعلمياً للنظرية العامة للعقد على عقد البيع، 2-عدم إغفال هذه الدراسة للجانب التاريخي للنظم القانونية محل الدراسة، والإستهلال عند شرح أي موضوع بتمهيد في المتن أو الهامش بمقدمة تاريخية تبين للقارئ كيفية نشأة هذا النظام القانوني أو ذاك وكيفية تطوره وكيف تعاملت معه النظم القانونية المختلفة وصولاً إلى التقنين المدني العراقي، 3-الرجوع فيما نقله المشرع عن الفقه الإسلامي في شرحه لأمهات الكتب في الفقه الإسلامي بمذاهبه المختلفة، والرجوع فيما تم أخذه عن التقنين المدني الفرنسي إلى شروح القانون المدني الفرنسي والمدني بالإعتماد على ثقات المؤلفين، 4-النظر إلى جميع النصوص، وذلك عند ذكر نصوص التقنين المدني، بإعتبار النصوص جميعاً وحدة واحدة يكمل بعضها البعض، 5-الإستعانة بالقضاء العراقي في فهم النصوص القانونية وإفهامها للقارئ، 6-التعامل مع المذاهب الإسلامية كمدارس فقهية متميزة، العمل على تتبع آراء الفقهاء المسلمين على إختلاف مشاربهم وتوجهاتهم، مع عدم النظر لتلك المذاهب نظرة ضيقة تميز بينها على أساس مدى إنتشار بعضها أو إنقراض البعض الآخر، كما وعدم النظر إليها على أساس أنها تاريخ يُعرض يهدف تجميل موضوعات الكتاب أو الترف العقلي، وإنما كانت الغاية من ذلك الإستناد على أساس قربها أو بعدها عن التوجهات العامة للتقنين المدني العراقي ومدى إنسجامها معه. لذا يجد القارئ الكثير من النصوص القانونية مشروحة بآراء الفقهاء المسلمين، كما ويجد خلافاتهم حيث يتم عرضها ومناقشتها وترجيح ما هو منها قريب من النصوص التشريعية، ونبذ ما هو بعيد أو غير المتوافق مع تلك النصوص التشريعية، وقد جاءت هذه الدراسة ضمن ثلاثة أجزاء، تم تخصيص الأول منها لمسألة إنعقاد البيع، وتم في الجزء الثاني الحديث عن آثار عقد البيع من حيث الأشخاص، وآثار عقد البيع من حيث الموضوع، والإقتصار على عرض إلتزامات البائع فقط. أما الجزء الثالث والأخير فتم فيه تناول موضوع إلتزامات المشتري والصور الخاصة لعقد البيع التي عالجها المشرع بنصوص خاصة ضمن الباب المخصص لعقد البيع.