توصلت إبران في العقد الأول من القرن الحادي والعشرين إلى تقنية التخصب وإستكمال دورة الوقود النووي، الأمر الذي أزعج الغرب وعلى رأسهم الولايات المتحدة وإسرائيل، فحشدوا العالم ضد إيران وربطوا برنامجها النووي بالإرهاب، لا سيما بعد أحداث 11 أيلول 2001، كما صنّف الغرب إيران بإحدى...
توصلت إبران في العقد الأول من القرن الحادي والعشرين إلى تقنية التخصب وإستكمال دورة الوقود النووي، الأمر الذي أزعج الغرب وعلى رأسهم الولايات المتحدة وإسرائيل، فحشدوا العالم ضد إيران وربطوا برنامجها النووي بالإرهاب، لا سيما بعد أحداث 11 أيلول 2001، كما صنّف الغرب إيران بإحدى دول النشر المارقة على حدّ زعمهم، وتم تطويقها بعد إحتلال أفغانستان والعراق، وبعد بناء إيران لمنشأتين نوويتين الأول للتخصيب والثانية لصنع الماء الثقيل دون إعلام الوكالة الدولية للطاقة، والذي أكدته إيران، الأمر الذي دفع الغرب إلى وضع الملف النووي الإيراني على جدول أعمالها في عام 2003 لتبدأ الأزمة. وقد دعت الولايات المتحدة منذ البداية إلى رفع الملف إلى مجلس الأمن، والضغط على الوكالة الدولية والغرب لتبني موقفها، وإلى فرض عقوبات على إيران، أما الاخيرة فقد واجهت إحدى الخيارين الغربيين - الخيار السلمي لإنهاء البرنامج وتفكيكه، أو التهديد العسكري - بإصرارها على سلمية برنامجها وحقها الطبيعي في إمتلاك الطاقة السلمية بموجب الشرعة الدولية، كما أكدت إلتزامها بمعاهدة الحظر ونظام الضمانات الخاص بالوكالة، ودعت إلى وجوب حل الأزمة داخل الأطر القانونية للوكالة بإعتبارها المرجعية القانونية والفنية المختصة بالأزمة، ولكن رغم ذلك، رفع الملف إلى مجلس الأمن في عام 2006، ليصدر عدة قرارات تفرض العقوبات على إيران. من هنا تمكن أهمية الكتاب، إذ يعالج الأزمة بإعتبارها سابقة دولية مهمة في تاريخ القانون الدولي والعلاقات الدولية والخاصة بالطاقة النووية، ويمكن إستخلاص الدروس من هذه الأزمة وإعتمادها في وضع أحكام القانون الدولي كمرجعية قانونية في النزاعات النووية اللاحقة. إن هذه الأزمة تضمنت تجربة غزيرة للوكالة الدولية وآليات صنع القرار داخل أروقتها، كما إنها تبين مدى حيادية المنظمة وموضوعيتها وفاعليتها في معالجة الأزمات النووية، كما أن الجانب السياسي في الأزمة ترك تداعياتها على المنطقة التي أربكت العديد من الدول في إتخاذ قرارات واضحة، لا سيما الدول العربية والإسلامية، إلى جانب تداعياتها الدولية، فالكتاب يلقي الضوء على المواقف الدولية والإقليمية من الأزمة ودور الأمم المتحدة منها، كما إنها تبيّن الوضع الدولي القائم في ظلها. وأخيراً الكتاب يعالج تفاصيل الأزمة في أبعادها القانونية والسياسية، ضمن منهجية موضوعية مقبولة، وتغني هذه الدراسة الرصينة مكتبتنا العربية والإسلامية التي تعالج هذه المواضيع.