للشهادة أهمية بالغة وخطرة في المسائل الجنائية خاصةن والنزاعات القضائية عامة، كونها إحدى وسائل الإثبات والأدلة التي يستند إليها القضاء في الأحكام التي تصدر عنه والتي تحدد مصير المتهم، أو القضاء بالحقوق، بحيث يُعاقب بريء لا صلة له بفعل جريمة مسند إليه، إذا اعتمدت المحكمة في...

للشهادة أهمية بالغة وخطرة في المسائل الجنائية خاصةن والنزاعات القضائية عامة، كونها إحدى وسائل الإثبات والأدلة التي يستند إليها القضاء في الأحكام التي تصدر عنه والتي تحدد مصير المتهم، أو القضاء بالحقوق، بحيث يُعاقب بريء لا صلة له بفعل جريمة مسند إليه، إذا اعتمدت المحكمة في تكوين قناعتها على شهادة تعمد المدلي بها إخفاء الحقيقة لدوافع عاطفية أو مادية، خاصة في هذا العصر الذي تتغلب فيه العواطف والمصالح على الضمائر والقيم الأخلاقية والإنسانية.
كما أن خطورة الشهادة وأهميتها تعود إلي كون الشاهد مخلوق بشري، يخضع لمؤثرات عديدة، عضوية ونفسية، الأمر الذي يؤثر في صحة الشهادة، بقصد أو بغير قصد.
من هنا كان من الأهمية في كل حالة يتم فيها الإعتماد على الشهادة كدليل وحيد للإدانة أو البراءة، أن تعتمد المحكمة أقصى وسائل الحيطة والحذر وتلجأ إلى المزيد من الحكمة وأساليب الدارية وفهم التحليل النفسي، في سبيل الكشف عن صحة الشهادة أو فسادها، توصلاً إلى الحقيقة المطلوبة والمرتجاة.
لذلك، رأى المؤلف من الضروري التصدي لموضوع شهادة الزور في هذه الدراسة المتواضعة، يسهم في ذلك بنقل العلم القانوني المتعلق بموضوع الدراسة إلى كل طلاب المعرفة القانونية، وطلاب العدالة الحقيقية.
وقد قسم هذه الدراسة إلى ثلاثة أقسام: عالج في القسم الأول أحكام الشهادة الزور، تعريفها، تاريخها، عناصرها، إجراءات المحاكمة التي تتبع بشأنها، وملاحقة الشاهد الزور، والمساهمة الجرمية فيها، والعقوبة المقررة لذلك، وكان القسم الثاني عبارة عن دراسة تبحث في قصية الشهود الزور في جريمة إغتيال الرئيس الشهيد "رفيق الحريري" وجرائم الإفتراء وإختلاق الجرائم الحاصلة أثناء التحقيق بشأنها.
وأعرض في القسم الثالث مجموعة من الإجتهادات اللبنانية والفرنسية والعربية بشأن كل ما تقدم، إضافة إلى ملحق يتضمن النصوص القانونية المتعلقة بالشهادة الواردة في القوانين اللبنانية والمتصلة بالموضوع.