يشكل هذا الكتاب إضافة قيّمة للدراسات القانونية، إذ جاء بعد قراءة ودراسة دقيقة من المؤلِّف لكتاب الفقيه الفرنسي René Savatier حول الإنتقال من القانون الخاص إلى القانون العام Du droit civil au droit public مكّنته من إختيار موضوع الكتاب، فحقق المواصفات المنشودة في الإطروحات القيّمة، لإتصال...
يشكل هذا الكتاب إضافة قيّمة للدراسات القانونية، إذ جاء بعد قراءة ودراسة دقيقة من المؤلِّف لكتاب الفقيه الفرنسي René Savatier حول الإنتقال من القانون الخاص إلى القانون العام Du droit civil au droit public مكّنته من إختيار موضوع الكتاب، فحقق المواصفات المنشودة في الإطروحات القيّمة، لإتصال الموضوع بفلسفة القانون، فوقع إختيار الكاتب بذكاء ومعرفة على عنوان المؤلَّف "أثر القانون الخاص على العقد الإداري". وتمكّن المؤلف ببراعة فائقة من عرض مبدأ سلطان الإرادة في القانون الخاص والأسُس التي استند إليها فيه، وكيف انعكس على القانون العام مبيِّناً دوره في العقد الإداري بعد تطوير هذا المبدأ بما يتّفق مع مبدأ الحريّة التعاقديّة في العقد الإداري، كما عرض المؤلف بدقة وتعمق دور الإرادة في تكوين العقد الإداري، وإلى ملائمات رائعة بين فكرة الصّالح العام ومقتضيات العدالة، وبتوفيق مماثل تمكن الكاتب في البحث والدراسة والتعمق لبيان أثر القانون الخاص على تطور العقد الإداري، كما تناول المؤلِّف ببراعة كبيرة التطورات في سير الإدارة وحاجتها الماسّة إلى الرجوع إلى القانون الخاص لكفالة إصلاحها وتوفير قدراتها على النهوض بأعبائها. فكم من المفيد للباحث في العقد الإداري أن يقرأ ما كتبه هذا المؤلف عن بروز الإتجاه إلى التحكيم لفضّ المنازعات في القانون الإداري بعد أن احتكر أداء هذه المهمة القضاء العام بإعتبارها من مرافق الدولة السياسية التي لا يجوز للنشاط الخاص التدخل في شأنها. كما أن هذا المؤلِّف القيّم، بما يُتحِفُنا به من وفرةٍ ونوعيّةٍ فقهيّة وإجتهادية قلّ نظيرها، يرسم نهجاً جديداً مفعماً بمقتضيات الحق والإنصاف، وهو يشكّل عن حق إطلالة فجر جديد على مسيرة طويلة في عالم قانوني وسيع، ليست من النوع السهل، ولأنه جال جولة كبيرة في ميادين المواقف الإجتهادية والأبحاث القانونية والمراجع اللبنانية والعربية والأجنبية لطرح المسائل وإقتراح الحلول، فإن فائدته جليّة وأكيدة، وهي تزيد بالتأكيد عمقاً وإتساعاً لأن تخصيص "مؤلَّف" واحد مستقل لموضوع واحد، يوفّر على الباحث ورجل القانون جهداً مبعثراً، ويشدّه بالتالي إلى مكامن البحث جميعاً.