يوم عرف الإنسان المعاملات على إختلاف أصنافها وأشكالها ووسائل التعاطي معها، كان منطلقه في الأساس توخي الغايات الرابحة لشخصه بالذات متوسلاً كل الطرق للإحتفاظ بأكبر قدر ممكن من الربح، ببيع بضاعة أقل وبكلفة أدنى وهو في الوقت نفسه حاول ولا يزال اللجوء الى " أفضل " السبل للحصول...

يوم عرف الإنسان المعاملات على إختلاف أصنافها وأشكالها ووسائل التعاطي معها، كان منطلقه في الأساس توخي الغايات الرابحة لشخصه بالذات متوسلاً كل الطرق للإحتفاظ بأكبر قدر ممكن من الربح، ببيع بضاعة أقل وبكلفة أدنى وهو في الوقت نفسه حاول ولا يزال اللجوء الى " أفضل " السبل للحصول على مربح أعلى حتى ولو كان ذلك على حساب ثروة من يتعاطى معه أو موجوداته أو حتى صحته وراحة باله. من هنا كانت هذه الهوة السحيقة، عادة، بين التاجر والصانع المروج، وبين المستهلك، هوة لا يردمها سوى دقة الرقابة من ذات المتعاملين فيما بينهم، حتى إذا فشلت كان للسلطة المختصة، والمسؤولة عن مصالح المواطن الدور المطلوب كدولة حامية لتلك المصالح والعاملة على ملاحقة ومعاقبة من يتجاوزها أو يعبث بمحتوياتها. على هدي هذا الواقع، وهو لا يزال أليماً في شتى أنحاء العالم، أردنا التصدي لمواد قانون حماية المستهلك الجديد في لبنان والذي صدر برقم 659 تاريخ 04/02/2005 ونشرته الجريدة الرسمية في عددها رقم 6 والصادر بتاريخ 10/02/2005، وكان قد ورد إلى مجلس النواب كمشروع قانون بالمرسوم رقم 13068 تاريخ 05/08/2004. علّنا نستطيع أن نميط اللثام عن الغايات التي أرادها مشرع هذا القانون ومحاولة الإضاءة على بعض غموضه وشرح أبعادها ومفاعيله وبالطبع فاعليته ووسائل تطبيقه في ظل مقارنة تلك المواد ببعض النصوص الأجنبية المختلفة. هذا يعني أننا سوف نثبت في قسم أول التطور التاريخي لحماية المستهلك وطبيعة تلك الحماية ووسائلها، وفي قسم ثان معالجة وشرح مواد القانون اللبناني تحديداً أو عند الضرورة مقارنتها بغيرها من النصوص. لقد قصدنا لهذا الكتاب قصر الكلام حول المبادئ والأسس تجنباً لكثرة الحديث حول تفاصيل لا طائل تحتها سوى جعل القارئ متعباً منها وهو وراء القصد لمعرفة مختصرات محددة وحياته اليومية غير مستعدة لتقبل غيرها في هذا القرن الحافل بمغريات السرعة في شتى حقول الحياة العملية ذات المردود المادي وتحت وطأة متطلبات الضغوط التي باتت معروفة لدى الجميع. تجدر الإشارة بداية إلى حرصنا الأكيد على تسهيل فهم النصوص وذلك بجعلها في متناول الجميع بعيداً عن الحذلقات اللغوية أو الإجتهادات النصية والأحكام القضائية وهو على كل حال قليلة إلا إذا ربطت بقانون حماية الملكية الفكرية الذي سبق وأصدرنا كتاباً خاصاً به وفي طبعات ثلاث.