يقتضي الفصل في أساس النزاع الناشئ بين الخصوم في الملف الجزائي، أن تبت فيه سلطة الحكم من دون غيرها من سلطات الملاحقة، لإعتبار أن جميع الإجراءات السابقة لها، تكون بمثابة إجراءات خادمة، ومهيئة لهذه المرحلة، وسلطات الحكم هي كناية عن محاكم، حدد قانون التنظيم القضائي (أو قوانين...
يقتضي الفصل في أساس النزاع الناشئ بين الخصوم في الملف الجزائي، أن تبت فيه سلطة الحكم من دون غيرها من سلطات الملاحقة، لإعتبار أن جميع الإجراءات السابقة لها، تكون بمثابة إجراءات خادمة، ومهيئة لهذه المرحلة، وسلطات الحكم هي كناية عن محاكم، حدد قانون التنظيم القضائي (أو قوانين خاصة بتنظيم قطاع معين) لكل منها اختصاصها النوعي والمكاني، والشخصي. وتتشكل كل محكمة من قضاة حكم وكاتب، ويحضر جلساتها ممثل عن النيابة العامة، بإستثناء جلسات المحاكمة أمام القاضي المنفرد الجزائي التي لم يتطلب القانون فيها تمثل النيابة العامة، حدد قانون أصول المحاكمات الجزائية إجراءات معقدة للفصل في الدعاوى الناشئة عن وقوع الجرائم، أي الدعويين المدنية والجزائية. وتشمل هذه الإجراءات تهيئة القضية البت فيها من قبل هيئة المحكمة، بعد كشف جميع ملابساتها والظروف الموضوعية والشخصية التي أثرت فيها، وهذا يتطلب إجراء تحقيق (يعرف بالتحقيق النهائي)، لكي يتمكن كل قاضٍ من القصاة المكلفين بالفصل فيها، من الوقوف على حقيقة حصول الجريمة والنتائج التي تأتّت عنها، وهذا يتطلب بالإضافة إلى ذلك، أن يوكل أمر البت في الدعاوى والفصل فيها إلى قضاة كفوئين، يعرفون القانون حق المعرفة، ومنزهين عن الأهواء، والميول الشخصية، ما يوفِ للخصوم الفرصة الكافية لكي يبت في قضاياهم، وحقوقهم التي يطالبون فيها، قضاء عادل، متجرد ومستقل. ومهما كانت المحاكم الجزائية متمتعة بدرجة عالية من المعرفة والخبرة، ومهما كان المستوى الفقهي والعلمي الذي يتمتع به قضاتها، وما يتملون به من مزايا أخلاقية، ونزاهة وتجرد، ومهما كانت القوانين الجزائية متمتعة بدرجة من الرقي، ومجارية للمفاهيم الإنسانية الحديثة، ولواقع المجتمع، وتطوره الثقافي والحضاري؛ كل ذلك يعجز عن توفير محاكمات عادلة تقتضي بالحق!. إن لم توفر لكل خصم من الخصوم الضمانات الكافية التي تمكنه من إثبات حقوقه والدفاع عنها؛ لأن الخصم صاحب العلاقة هو الأعلم بحقوقه، والأدرى بما يتماشى مع مصالحه. من هنا، أدرك المشرّع المخاطر التي تحيط بأطراف الخصومة خلال إجراءات المحاكمة، توفر لهم الكثير من الضمانات التي أكدت عليها بعض المواثيق الدولية، لضمان حقوقهم خلال إجراءات المحاكمة الجزائية، لذا أوجب أن يُدعى كلٌّ منهم إلى جلسات المحاكمة، وأن ويفر له الوقت الكافي والظروف الملائمة للإدلاء بكل ما لديه لحماية حقوقه، طلباً لها أو دفاعاً عنها. وإن كان لحضور كل خصم من الخصوم الدور الفعال في حماية حقوقه؛ فلا بد أن يوازي ذلك وجود ضمانات إضافية من شأنها أن تضمن حسن سير العدالة؛ حيث توفر لجميع الخصوم آلية التخلص من أية كبوة، قد يقع فيها القاضي الواضع يده على الملف؛ جاء ذلك عن هفوة أو تقصير، من قاضي الحكم أو ممن سبق لهم وساهموا في إعداد الملف تقصياً أو تحقيقاً أو حكماً. وبالإضافة إلى توفير الفرص للخصوم لحضور جلسات المحاكمة، ومشاركتهم في الإجراءات التي تتطلبها من خلال طلب إجراء بعضها وحضور البعض الآخر؛ أقرّ المشرِّع الكثير من المبادئ القضائية العامة، التي توفر ظروفاً تلائم بين مصلحة المجتمع وبين حقوق الأفراد، مُعْتَدين كانوا أو معتدى عليهم. هذه المبادئ تساهم في ضمان حقوق كلٍّ منهم، وذلك من خلال المحافظة على إستقرار التشريع وهيبة الدولة، ومن جراء تحقيق السرعة لا الشرع في البت في الملفات القضائية، وثبات الأحكام القضائية الباتة في النزاعات والأخذ بحجيتها أمام مختلف المراجع. وفي هذا الإطار، تأتي هذه الدراسة المقارنة التي تتناول في جزئياتها ضمانات حقوق الخصوم خلال المحاكمة الجزائية وقد جاء ذلك ضمن قسمين، تم تخصيص الأول لعرض ضمانات حقوق الخصوم خلال إجراءات المحاكمة، أما الثاني فقد جاء بمثابة عرض لوسائل الدفاع المتاحة للخصوم خلال إجراءات المحاكمة. نبذة الناشر: يبحث الكتاب إجراءات الملاحقة الجزائية التي تسبق المحاكمة وضمانات حقوق أطراف الدعوى في هذه المرحلة بمعنى آخر يبحث الكتاب في الاجراءات المهيئة للمحاكمة من جمع ادلة وغيرها واهمية احترام حقوق المشتبه به او المتهم اثناء إجراءات الملاحقة الجزائية .