موضوع هذا الكتاب هو عبارة عن رسالة نالت شهادة دبلوم في القانون العام، وقد أشرف وراقب مراحل إعدادها الدكتور "محي الدين القيسي" الذي ترأس اللجنة الفاحصة التي ضمت بعضويتها الأساتذة الدكتور فوزات فرحات وسامي سلهب.وقد نالت هذه الرسالة درجة جيد جداً في جلسة المناقشة التي جرت في...
موضوع هذا الكتاب هو عبارة عن رسالة نالت شهادة دبلوم في القانون العام، وقد أشرف وراقب مراحل إعدادها الدكتور "محي الدين القيسي" الذي ترأس اللجنة الفاحصة التي ضمت بعضويتها الأساتذة الدكتور فوزات فرحات وسامي سلهب. وقد نالت هذه الرسالة درجة جيد جداً في جلسة المناقشة التي جرت في قاعة الأساتذة في كلية الحقوق والعلوم السياسية في الجامعة اللبنانية وذلك يوم السبت الواقع في 21 حزيران 2003. تتمحور هذه الرسالة حول فكرة واحدة هي: إلزام الإدارة بإلغاء النظام الإداري غير المشروع، سواء أكانت عدم المشروعية تصيب القرار منذ صدوره أو بفعل ظروف قانون أو واقع لاحقة عليه وذلك في الحالة التي يقدم إليها طلب بهذا المعنى. وتبرز أهمية هذا المبدأ، موضوع هذه الدراسة، في أنه سلاح حقيقي لإزالة جميع النصوص غير المشروعة من النظام القانوني، كما أنه أحدث انقلابا في العديد من النظريات التي كانت تعتبر مقدسة في القانون الإداري. وبما أن محور هذه الدراسة يدور حول الأنظمة الإدارية، كان من المنطقي أن يبدأ القسم الأول بالتعريف عن هذه الأنظمة وتحديد أنواعها والهيئات التي تستطيع إصدار هذه الأنظمة، وتطرق هذا القسم إلى التمييز بين القرارات التنظيمية وغير التنظيمية وهو ما شكل مناسبة للحديث عن مبدأ إلزام الإدارة بسحب القرارات الفردية. ولما كانت السلطة التنظيمية هي المجال الحقيقي لسلطة الإدارة الاستنسابية، بحيث تملك مطلق الحرية في إصدار وإلغاء التنظيمات الإدارية، وكان مبدأ إلزام الإدارة بإلغاء الأنظمة غير المشروعة يصطدم بسلطة الاستنساب الممنوحة للإدارة في هذا المجال، لذا كان من المفيد أن يكون القسم الثاني مخصصاً للحديث عن الانقلاب الحاصل في عمل الإدارة، وكيف خرجت العديد من التصرفات من نطاق الاستنساب ليصبح اختصاصاً مقيداً ومفروضاً على عاتقها. وكذلك مبدأ قابلية الأنظمة الإدارية للتعديل والتغيير، والموازاة بين حق الإدارة بإلغاء الأنظمة الذي هو مباح في كل وقت وفقاً لمشيئة الإدارة، وبين حق المتضرر بطلب إلغاء هذه الأنظمة غير مشروعة وفقاً لمشيئة المنفردة. أما القسم الثالث من الفصل الأول فاختص بتبيان حالات عدم المشروعية التي توجب على الإدارة إلغاء النظام الإداري الذي يكون مشوباً بها. وإذا شكلت الأقسام الثلاثة المبينة أعلاه الفصل الأول من هذه الرسالة، فإن الفصل الثاني مخصص للتعرف على كيفية تطبيق هذا المبدأ، أي التعرف على الطريق الذي يوصلنا إلى إلغاء النظام غير المشروع. الخطوة الأولى لتطبيق المبدأ هي تقديم طلب إلى الإدارة نسألها فيه إلغاء هذا النظام غير المشروع. فكان القسم الأول كفيلاً بتحديد من يحق له التقدم بهذا الطلب، ومجيباً على التساؤل حول معرفة ما إذا كان مقدم الطلب يجب أن يكون صاحب مصلحة، وما إذا كان شرط المصلحة المطبق أمام القضاء، هو الذي يجب أن يتوفر في المستدعي الذي يتقدم من الإدارة بطلب الإلغاء. أما القسم الثاني من الفصل الثاني فخصص للحديث عما يطلبه المستدعي، فنحن أمام نظام إداري غير مشروع، وتقدم المستدعي من الجهة المختصة بطلب يرمي إلى إلغائه، فكان المحل مناسباً للحديث عن مفهوم الإلغاء وتميزه عن غيره من وسائل نهاية الأنظمة الإدارية، وأيضاً أنواع الإلغاء من صريح وضمني، وكيفية تحول الإلغاء من مجال السلطة الاستنسابية إلى مجال السلطة المقيدة. وختم هذا القسم ببحث مسألة انتقال المبدأ إلى نطاق القرارات غير التنظيمية والفردية، حيث لا زالت نظرية الحقوق المكتسبة تشكل عائقاً أمام التطبيق الكامل لهذا المبدأ، وإن كنا نجد بعض التطبيقات خاصة في حالة تغير الظروف. وانتهى الفصل الثاني ببحث نتائج رفض الإدارة الاستجابة لطلب الإلغاء، حيث تنفتح أمامه مجدداً الطريق القضائي فيحق للمستدعي أن يطعن أمام القضاء برفض الإدارة الاستجابة لطلبه، وكيف فرضت غرامات إكراهية على الإدارة وألزمت بدفع التعويضات بسبب رفضها إلغاء الأنظمة غير المشروعة، وبهذه الأحكام نجد أن القضاء طبق ثلاثة مبادئ حديثة في حكم واحد هي: إلزام الإدارة بإلغاء الأنظمة غير المشروعة وتوجيه أمر بهذا المعنى إلى الإدارة المختصة مشفوعاً بالغرامة الإكراهية. يبقى أخيراً أن نشير إلى أن هذه الدراسة تعتمد بشكل أساسي على الاجتهاد والفقه الفرنسيين، وقد بذل جهد كبير في ربط هذا المبدأ بالنظام القانوني اللبناني. هذا كله جاء على صعيد الجزء الأول من الكتاب، أما الجزء الثاني فهو عبارة عن قسم خاص بالآراء الفقهية والتعليقات على الأحكام القضائية.