المنازعة الإدارية هي المنازعة التي تنشأ بين شخص من الأشخاص، كالدولة أو البلديات أو المصالح العامة المستقلة، وأحد أشخاص القانون الخاص، أو بين أشخاص القانون العام أنفسهم، وتستهدف عادة الطعن بعمل صادر من الشخص العام بقصد إبطاله أو التعويض عن ضرر ناشئ عنه. ويعود النظر في...
المنازعة الإدارية هي المنازعة التي تنشأ بين شخص من الأشخاص، كالدولة أو البلديات أو المصالح العامة المستقلة، وأحد أشخاص القانون الخاص، أو بين أشخاص القانون العام أنفسهم، وتستهدف عادة الطعن بعمل صادر من الشخص العام بقصد إبطاله أو التعويض عن ضرر ناشئ عنه. ويعود النظر في المنازعة الإدارية في الأصل للقضاء الإداري. غير أن ثمة منازعات مع الإدارة يدخل النظر بها في اختصاص المحاكم العدلية. كما أن هناك بعض الأعمال التي تصدر عن السلطة العامة والتي تظل خارجة عن رقابة القضاء، كأعمال السيادة (أو الأعمال الحكومية) وأعمال السلطة الصادرة في الظروف الاستثنائية والأعمال التي تصدر عن الإدارة بمقتضى سلطتها التقديرية أو الاستنسابية، فالمنازعات التي تنشأ عن هذه الأعمال لا تعتبر بالتالي من قبيل المنازعات الإدارية بمعناها العادي.
ويجري في الأصل عرض المنازعة الإدارية على القضاء الإداري فيتولى بحثها وإعطاءها الحل المناسب تطبيقاً للقواعد القانونية والأنظمة التي ترعى نشاطها الإدارة. ويقوم القضاء الإداري بدور هام في هذا الصدد إذ يضمن تطبيق أحكام القانون ومبادئه العامة تطبيقاً سليماً وعادلاً في مجال تعامل الإدارة مع أشخاص القانون الخاص، فلا يسمح للإدارة بأي تجاوز قد تحاول الإقدام عليه بحكم ما تملك من امتيازات وسلطات استثنائية خارجة عن نطاق القانون العادي ومن شأنها أن تضع الأفراد في مركز ضعيف يمكنها من تسخير مصالحهم الخاصة عند الاقتضاء في سبيل تحقيق النفع العام.
ويحرص القضاء في هذا المضمار على حصر امتيازات الإدارة في الحدود التي يقررها القانون متيحاً للأشخاص المتعاملين معها أو الخاضعين لسلطتها التظلم من أعمالها ومقرراتها غير المشروعة عن طريق الطعن بها وطلب إبطالها بسبب تجاوز حد السلطة أو برفع دعوى التعويض عن الأضرار التي تنشأ عنها، فينهض القضاء الإداري بذلك كرادع ضد تجاوزات الإدارة على حقوق الأفراد وكحام للشرعية ضد كل تعسف أو اعتداء عليها.
وهذا المؤلَّف يتناول البحث في القضاء الإداري. وقد تمّ تقسيم هذا البحث إلى جزءين: الأول يتناول أصول المحاكمات الإدارية وبالأخص الأصول المتبعة في النظر بالمراجعات لدى مجلس شورى الدولة، ويشتمل على بحث وافٍ لشروط قبول المراجعة بوجه عام وإجراءات النظر فيها مع استعراض الطوارئ التي تحصل أثناء المحاكمة الخاصة بها، وثم لصدور الحكم في المراجعة وللطرق المقررة للطعن في الأحكام الصادرة من القضاء الإداري كالاستئناف والتمييز والاعتراض واعتراض الغير وإعادة المحاكمة وتصحيح الخطأ المادي. ويحق بها طلب تفسير هذه الأحكام. وأما الجزء الثاني من هذا المؤلف "القضاء الإداري فهو يبحث بالمراجعتين الرئيسيتين اللتين ترفعان إلى مجلس شورى الدولة للطعن بالأعمال الإدارية، أو لطلب التعويض عن الأضرار الناشئة عنها وهما: مراجعة الأبطال لتجاوز حدود السلطة، ومراجعة القضاء الشامل.