-
/ عربي / USD
يعدّ "أسامة بن منقذ" في طليعة رجال عصره أدباً وتصنيفاً، وممارسة لألوان النشاط السياسية في المحيط الذي عاش فيه، أغرم بالأدب شعره ونثره، ونهل منه حتى ارتوى، ووجد في الشعر منتفساً يترجم به عن عواطفه، ويسجل فيه حسه ومشاعره، ازاء ما كان يمر به من أحداث عنيفة، كانت تدفعه إلى القول دفعاً، فكان له مع الزمن ديوان ضخم-هو هذا الكتاب الذي بين أيدينا-عنى بترديد النظر فيه بين الحين والحين، يستعيد به ذكريات غالية عنده، أو يصور لنفسه حوادث قوية مرت به، وكان يجيل قلمه في أرجائه بالمحو حيناً والتعديل حيناً آخر، وكان تطلعه إلى مثل أعلى في البيان يدفعه إلى معاودة النظر في شعره من وقت لآخر، ليبلغ منه بالتهذيب إلى ما يبغيه من سمو في القول، وقوة في البيان.
ظفر شعر أسامة منذ حياته بعناية الأدباء وتقديرهم، فاختار له العماد الأصفهاني في خريدته، وقرن ما اختاره له بأسمى عبارات الإعجاب والإجلال. والحق يقال إن شعر أسامة جدير بالحب والتقدير فهو من النوع الجزل الفخم، تستمع إليه فيروقك معناه، وتعجبك حلته المتينة النسج، التي لم يضح صاحبها بجودتها في سبيل زخرف أو زينة، فهو من الشعراء الذين ردوا للشعر أسلوبه الرفيع الذي كان له في العصور الزاهرة للشعر العربي. ولقد هيأ له طول العمر إنتاجاً غزيراً في الشعر، جمعه في أثناء حياته في ديوان كبير حوى مختلف ما قاله من قصائد مدوناً إياه بخطه ومقسماً مادته إلى أبواب الشعر الفنائي المعروفة في عصره من غزل، ومدح، ووصف ورثاء وغيرها، مبتدئاً بالغزل...
ومن ثم عني باجتزاء القصيدة الواحدة المشتملة على أغراض متنوعة، واضعاً كل جزء في الباب الذي يناسبه. ونظراً لما لهذا الديوان من أهمية ومكانة بين كتب التراث عني أحمد أحمد بدوي وحامد عبد المجيد بتذيله بتحقيق لطيف وتجلى عملهما بشرح ما خفي من ألفاظ الديوان، وضع فهارس في آخر الديوان تسهيلا للقارئ في الرجوع إلى أجزاء الديوان وقصائده، احتراماً للنهج الذي ارتضاه أسامة لديوانه عنى المحققان بجمع الديوان كما ارتضاه مصنفه.
قيّم هذا الكتاب
هل استخدمت هذا المنتج من قبل؟
لا توجد أي مراجعات بعد