-
/ عربي / USD
محمود الوراق شاعر مشهور، وشعره ذائع متداول، وهو من شعراء القرن الثاني والثالث المرموقين، ولكن هذا كله لا يحمل الرواة على أن يسخوا علينا في إيراد أخباره؛ فقد شغلهم شعره أكثر مما شغلتهم حياته، وإن هي إلا نتف يسيرة من أخبار الوراق وأنبائه، لا تغني ولا تفي، وهي نفسها في كل مصدر ينقلها واحد عن آخر.
عُرف الوراق إذن في هذا العصر بأنه شاعر الموعظة والحكمة والزهد، وهو شاعر متميز في هذا الفن، ويقترن بإسمه - في العادة - بأسماء كبار الشعراء الذين اشتهروا بهذا الضرب من القول، من أمثال سابق البربري.
تحتل الحكمة مكاناً بارزاً في شعر الوراق، وهي تفصح عن خبرة بالنفس البشرية، ومعرفة بها، والسراب في أعماقها، كما تدل على أن الوراق قد أخذ بحظ غير يسير من الثقافة الفلسفية، وقد التقى ذلك على حس مرهف ومعرفة بطبائع الأشياء؛ كقوله: "ليس شيء مما يدِّبره العا... قلُ إلا وفيه شيء يريبُهْ"... "فأخو العقل ممسِكٌ يتوقَّى... ويخاف الدخولَ فيما يعيبُهْ"... "وأخو الجهل لا يُقَدِّر في الأمر... وإن أشكلت عليه ضروبُهْ"... "راكبٌ رَدْعَه كحاطب ليل... يخطئ الأمرَ كلَّه أو يُصيبُهْ"…
وقد جُمع من شعر الوراق تسعاً وثلاثين ومئتي قطعة، ولوحظ أن شعر الرجل قد اختلط - في أحيان غير قليلة - بشعر غيره؛ وعلى العموم فقد خلص للوراق أربع وسبعون ومئة قطعة لم ينازعه أحد نسبتها.
وهذا الكتاب يعرض البعض من القطع الشعرية له، وقد خرَّج هذا الشعر تخريجاً دقيقاً من المصادر التي ورد فيها، وذكر إختلاف الروايات، وضبط الشعر بالشكل، وسمّي البحور، ثم صنع له الفهارس الفنية الضرورية.
قيّم هذا الكتاب
هل استخدمت هذا المنتج من قبل؟
لا توجد أي مراجعات بعد