-
/ عربي / USD
إذا كان للعجاج فضل على الرجز فلا يعود ذلك فقط إلى كونه أطال الأرحوزة حتى ضاهت القصيدة وفاقتها عدد أبيات، وإنما يعود أيضاً إلى كونه جعل الأرجوزة كالقصيدة، تحتمل جميع المعاني والصور، وتستوعب جميع الأغراض الشعرية المعروفة، أغراض المدح والهجاء والغزل والوصف وما سوى ذلك. فعند العجاج لت تعد الأرجوزة حفنة من أبيات، وهي لم تعد أيضاً مقطوعة في إتجاه واحد، بل غدت مطولة ينتقل فيها الراجز موضوع إلى آخر: ينطلق من النسيب ويذكر الأحباب والديار، يمر بالصحارى والقفار، معرجاً على لوحات بدوية يلتمع فيها الآل على الكثبان وعلى منعطفات الجبال مذكراً بالغدران المنسية... ولعل أبرز ما شغل العجاج هو الفخر: الفخر بقومه، ذوي الهيبة والفعال... وقد لا يفخر العجاج بنفسه كبطل مغوار يخوض غمار المعارك، لكنه يفخر بنفسه كشاعر لا يشق له غبار، يدخل المناظرات ويواجه تحديات الرجاز والشعراء...
من هنا فقد بلغت مسيرة الرجز منتهاها على يدي العجاج، فهو الذي أعطاه مداه، فطالت الأرجوزة حتى بَزت القصيدة. فالرجز، كما قيل، "كان في الجاهلية إنما يقول فيه الرجل البيتين أو الثلاثة في الحرب ونحوه". ثم كانت للرجز محطة عند الأغلب العجلي، الذي عاصر النبي (صلى الله عليه وسلم)، إذ طالت عنده الأرجوزة "شيئاً يسيراً" إلى أن "أتى العجاج فافتنَ فيه، وفتح أبوابه وشبهه بالشعر. فالعجاج، بإجماع القدماء، هو أول من رفع الرجز وشبهه بالقصيد وجعل له أوائل، ووصف فيها الديار وأهلها، والرسوم والفلوات، ونعت الإبل والطلول وبكى على الشباب، كما صنعت الشعراء بالقصيد.
يضم الكتاب (ديوان العجاج) من رواية وشرح عبد الملك بن قريب الأصمعي، قدم له وحققه الدكتور سعدي ضناوي ووضعه تحت ثلاثة عناوين: 1- الرجز والعجاج، 2- ديوانه:ملحقات بأراجيز الديوان، 3- ما أنشد للعجاج ولغيره والراجح أنه ليس له. وأخيراً فهرس قوافي الديوان وملحقاته.
قيّم هذا الكتاب
هل استخدمت هذا المنتج من قبل؟
لا توجد أي مراجعات بعد