-
/ عربي / USD
تُظْهِرُ النَّظرةُ السريعةُ سَبْقَ الفِكرش الغَرْبيَّ نظيرَهُ العَرَبيَّ في مجالِ الفُروقِ اللُغويَّةِ؛ إذ يُلْحَظُ أنَّ هذه الأَخيرةَ كانَتْ ركائزَ البناءِ للفكرِ اللُغويِّ الغَرْبيِّ الحديثِ، لكنَّها لم تكُنْ كذلكَ عندَ العَرَبِ عامَّةً، وإنَّما كانَ الإشتغالُ بها عندهُم إسهاماً في ضمنِ إسهاماتٍ لُغويَّةٍ مختلفةٍ، تَمَثَّلَ في جهودٍ مُبْتَسرَةٍ مُبَعْثَرَةٍ - في الغالبِ - هنا وهناكَ، تفتقرُ - في مُجمَلِها - إلى الإطارِ الجامعِ الذي نستطيعُ من خلالِهِ أن نُسْبِغً عليها صفةَ المعرفيَّةِ (أَو الإبستيمولوجيا).
ورُبَّما لو قُيِّض لمنهجيَّة القَرافِّي من يتبنّاها ويُطوِّرُها، ثمَّ يصوغُ - في هَدْيِها - منظومةً فُروقيَّةً لُغويَّةٌ متميِّزةً، لكانَتِ الحالُ غيرَ الحالِ.
ولربَّما كانَ قد أَصبحَ لدَينا ما نُباهي به غيرَنا في هذا الحقلِ المعرفي.
ولكنَّ الأَمرَ لم يَسِرْ على هذهِ الشّاكلةِ؛ إذ لم ينسج المشتغلونَ بالفُروقِ اللّغويَّةِ بعدَ القَرافيِّ على منوالِهِ، أَو يقتفوا أَثرَهُ إلْا مَن رَحِمَ ربِّي، دَع عنكَ أَن يُطوِّروا منهجيَّتَهُ ويُبَلوِروها نظريَّةً فُروقيَّةً لغويَّةً لها أُطُرٌ فكريَّةٌ تَحْكُمُ دراستَها، وهذا ما جَعَلَ جهدَ القَرافيَّ وَسْطَ جُهودِ الآخَرِينَ يبدو كالطّائرِ المحلِّقِ بعيداً عن سِرْبِهِ.
قيّم هذا الكتاب
هل استخدمت هذا المنتج من قبل؟
لا توجد أي مراجعات بعد