ذكر الله تعالى نعيم الجنة مبسوطاً في مواضع من القرآن - ثم جمعه في آيات منها قوله تعالى: (لا يبغون عنها حِوَلاً)... [سورة الكهف: الآية 108]، وقوله تعالى: (أولئك لهم الأمن)... [سورة الأنعام: 82]، وقوله جلّ ذكره: (وفيهما ما تشتهيه الأنفس وتلذّ الأعين)... [سورة الزخرف: الآية 71]، فهذه الآيات...

ذكر الله تعالى نعيم الجنة مبسوطاً في مواضع من القرآن - ثم جمعه في آيات منها قوله تعالى: (لا يبغون عنها حِوَلاً)... [سورة الكهف: الآية 108]، وقوله تعالى: (أولئك لهم الأمن)... [سورة الأنعام: 82]، وقوله جلّ ذكره: (وفيهما ما تشتهيه الأنفس وتلذّ الأعين)... [سورة الزخرف: الآية 71]، فهذه الآيات الثلاث جمعت كل نعيم، وقال تعالى: (تتجافى جنوبهم عن المضاجع يدعون ربهم خوفاً وطمعاً ومما رزقنهم ينفقون؛ فلا تعلم نفسٌ ما أخفي لهم من قرّة أعين جزاءً بما كانوا يعملون]... [سورة السجدة: الآية 16-17]، قال في "حادي الأرواح": فتأمل كيف قابل ما أخفوه من قيام الليل بالجزاء الذي أخفاه لهم؛ مما لا تعلمه نفس، وكيف قابل قلقهم وخوفهم واضطرابهم على مضاجعهم حتى يقوموا إلى صلاة الليل، بقرّة الأعين في الجنة وفي الصحيحين من حديث أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "أعددت لعبادي الصالحين، ما لا عينٌ رأت، ولا أذنٌ سمعت، ولا خطر على قلب بشر".
وفي معجم الطبراني من حديث بقيةَ عن أبي جريح، عن عطاء، عن ابن عباس قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: لما خلق الله جنة عدن، خلق فيها ما لا عينٌ رأت ولا أذنٌ سمعت، ولا خطر على قلب بشر، ثم قال لها: تكلمي، فقالت (قد أفلح المؤمنون)... [سورة المؤمنون: الآية 1].
وعن ابن عباس رضي الله عنه قال: كان عرش الله على الماء، ثم اتخذ لنفسه جنة، ثم اتخذ دونها أخرى، وطبقهما بلؤلؤة واحدة، لا يعلم الخلائق ما فيهما، وهما اللتان قال الله فيهما: (فلا تعلم نفسٌ ما أُخفي لهم من قرّة أعين جزاءً بما كانوا يعملون)... [سورة السجدة: الآية 17].
وكيف يقدّر قدر دارٍ غرسها الله بيده، وجعلها مقرّاً لأحبابه، وحلّاها من كرامته ورحمته ورضوانه، ووصف نعيمها بالفوز العظيم، ومُلَكها بالمُلْكِ الكبير، وأودعها جميع الخير بحذافيره، وطهّرها من كل عيب وآفةٍ ونقض؟!: فإذا سألت عن أرضها وتربتها، فهي المسلك والزعفران، وإن سألت عن سقفها، هو عرش الرحمن... وإذا سألت عن ملاطها، فهو المسكُ الأذفرُ... وإذا سألت عن بنائها، فلَبِنَةٌ من فضة ولبِنَةٌ من ذهب... [...].
وللقارئ المزيد والمزيد وأكثر حول الجنة في هذا الكتاب الذي اشتمل على ذكر الجنة دار القرار، وما أعدّ الله تعالى فيها لعباده المقربين الأبرار، والذي جاء حصيلة تلخيص المؤلّف من كتاب: (البدور السافرة في أمور الآخرة) للعلامة السيوطي، والذي، بالإضافة إلى ذلك، وشّحه بآثار ومواعظ منتخبه من كتاب: (اللطائف لموسم العام من الوظائف) للعلامة ابن رجب، ومن كتاب (حادي الأرواح إلى دار الأفراح) للعلامة ابن القيّم.
وكان نتاج ذلك هذا الكتاب، الذي وسمه المؤلف بـ (حادي الأنام إلى دار السلام) والذي اشتمل على عشرين باباً، جاء عناوينها على الشكل الأتي وعلى التوالي: 1- في صفة الجنة، 2- في درجات الجنة، 3- في عدد أبواب الجنة وأسمائها وسعتها، 4- في حائط الجنة وأرضها، ترابها، وحصبائها، 5- في غرف الجنة وقصورها وبيوتها ومساكنها، 6- في رائحة الجنة، 7- في أشجار الجنة وظلالها، 8- في ثمار الجنة وصفاتها وأكل أهلها، 9- في ذكر أنهار الجنة وعيونها وشراب أهلها، 10- في لباس أهل الجنة، وحليّهم، وفرشهم، وأرائكهم، وسررهم، 11- في صفات ازواج الجنة، 12- في كثرة أزواج أهل الجنة، والأعمال الموجبة لذلك، 13- في نكاح أهل الجنة، وإلتذاذهم بذلك، 14- في ذكر سماع أهل الجنة، وغناء الحور العين، 15- في ذكر خيل الجنة، وطيرها، ومراكب أهلها، ونعيمهم وملكهم، 16- في بيان أكثر أهل الجنة، وصفوفهم، وصفتهم، وأسنانهم، ولسانهم، 17- في زيارة أهل الجنة إخوانهم، ومذاكرتهم، وما كان منهم في الدنيا، وزيارة الأنبياء وأصحاب الدرجات العلى، 18- في زيارة أهل الجنة ربهم، ورؤيتهم له تبارك وتعالى، 19- في ذكر خلود المؤمنين في الجنة، وانها لا تغنى ولا تبيد، 20- في ذكر أول من يدخل الجنة، وآخر أهلها دخولاً فيها.
وأخيراً، لتأتي الخاتمة والذي يبين المؤلف فيها أن الجنة، رغم كل ما تم استحضاره من صفات... فهي رغم ذلك هي فوق ما يخطر ببال...