لا تخفى عناية القرآن الكريم بتوجيه المسلم وإرشاده إلى الأخلاق الفاضلة والمعاملة الطيبة، لترقى روحه، وتسو نفسه، ويعلو قدره، ويكون رمزاً للأخلاق الكريمة، وكتاباً مفتوحاً يستطيع من يراه أن يتعرف على أخلاق الإسلام الرفيعة، ولنا في هذا مثال وقدوة يُحتذى بها محمد صلى الله عليه...

لا تخفى عناية القرآن الكريم بتوجيه المسلم وإرشاده إلى الأخلاق الفاضلة والمعاملة الطيبة، لترقى روحه، وتسو نفسه، ويعلو قدره، ويكون رمزاً للأخلاق الكريمة، وكتاباً مفتوحاً يستطيع من يراه أن يتعرف على أخلاق الإسلام الرفيعة، ولنا في هذا مثال وقدوة يُحتذى بها محمد صلى الله عليه وسلم فقد قال عنه ربه (وأنك لعلى خلق عظيم)... [سورة القلم: آية ٤].
فما طاب العيش، وانتشر الأمن والسلام، وشاعت المحبة والوئام، إلا بالمعاملة الحسنة التي يكون بها الرقي والتقدم للأمام، فما تقدمت أمة بحضارة، ولا تطور ولا دقة اختراع، ولا سرعة اكتشاف بلا تعامل حسن، وأخلاق فاضلة تسود بين أفراد المجتمع.
فالتعامل الحسن يضع بصمته على جبين كل أمة تخلّقت بهذا الخلق الكريم، والتعامل النبيل، فتعلو ولا يُعلى عليها، ويكتسبها السمت والوقار والهيبة.
وما تخلّت أمة عن التعامل الحسن بين أفرادها، وزهدت فيه إلا وتقهقرت مسافات إلى الوراء، وارتدت على عقبها خائبة خاسرة.
وعليه، ومن هذا المنطلق يأتي هذا البحث الذي تنطوي أهميته على ما للتعامل بالحسنى من أهمية عظيمة، وفوائد جزلى، ومنافع كبرى، والبحث هذا في أصله موضوع رسالة أعدّتها الباحثة لنيل درجة الماجيستير، والتي جاءت تحت عنوان: "المعاملة الحسنى في ضوء القرآن الكريم"، وقد تم إدراج البحث ضمن مقدمة وتمهيد وثمانية فصول.
أما المقدمة، فقد اشتملت على أهمية الموضوع وأسباب اختيار الباحث له، ثم أهداف البحث وحدوده، والدراسات السابقة، وخطة البحث ومنهجه، واشتمل التمهيد على ما يلي: تعريف المعاملة ثم الحسنى لغة واصطلاحاً قيم كمركّب إضافي.
أما الفصول فقد تمحورت مواضيعها وعلى التوالي على ما يلي: ١- أهمية المعاملة بالحسنى بما يشمل الحديث عن فضل المعاملة بالحسنى والأسباب المعينة على ذلك، ٢- المعاملة بالحسنى مع الراعي والرعية: المعاملة بالحسنى مع النبي صلى الله عليه وسلم ثم مع ولي الأمر ثم مع الرعية، ٣- المعاملة بالحسن في العلاقات الاجتماعية الأسرية: مع الوالدين، وبين الزوجين ومع الأبناء، ٤- المعاملة بالحسن في العلاقات الاجتماعية الإنسانية: المعاملة بالحسنى؛ مع المسلم، مع الجار، مع المسافر (ابن السبيل)، مع المسيء، مع غير المسلمين، مع الميت، ٥- المعاملة بالحسنى مع كلٍّ من: اليتيم، ثم مع المماليك والخدم، ومع الفقراء والمساكين، ومع الأسرى، ٦- المعاملة الحسنة في المجالس بما يشمل الحديث عن: الإستئذان، التحية والسلام، التفسح في المجالس، إكرام الضيف، أدب الحوار، ٧- خصال المسلم الحسنة بما يشمل الحديث عن الصدق، التواضع بالأمانة، سلامة القلب، الوفاء بالعهد، التعاون ثم الإيثار، ٨- ثمرات المعاملة بالحسنى ومنها الحديث عن: ثمرات المعاملة الحسنى في الدنيا، وثمرات المعاملة الحسنى في الآخرة.
وأخيراً أغنت الباحثة رسالتها هذه بمجموعة من التوصيات، منها أن يكون موضوع المعاملة الحسنة بمفهومه الشامل أحد مفردات المناهج التعليمية في المراحل الدراسية وربط ذلك بالقرآن الكريم والسنّة ليربط واقع الأمة بمعين القرآن الكريم وهديه الذي لا ينضب، والإجابة بالأمهات والمعلمين، وكل مهتم في مجال التربية أن يغرس في نفوس النشء الجديد منذ صغرهم مفهوم المعاملة بالحسنى ومجالاتها فينشّؤون على حسن الخلق والتعامل الطيب مع الآخرين.