يضم الكتاب باقة من دراسات ومقالات كان قد تم نشرها في مجلات وصحف عربية وسورية، وقد جاءت في هذا الكتاب مرتبة حسب التسلسل الزمني المواكب للعصور التاريخية، تاريخ الأدب الغربي من العصر الجاهلي إلى العصر الحديث...وهذا بعض ما جاء في إحدى تلك المقالات، أو الدراسات، والتي جاءت تحت...

يضم الكتاب باقة من دراسات ومقالات كان قد تم نشرها في مجلات وصحف عربية وسورية، وقد جاءت في هذا الكتاب مرتبة حسب التسلسل الزمني المواكب للعصور التاريخية، تاريخ الأدب الغربي من العصر الجاهلي إلى العصر الحديث...
وهذا بعض ما جاء في إحدى تلك المقالات، أو الدراسات، والتي جاءت تحت عنوان: "أسماء الأماكن في الشعر العربي": في الشعر العربي كثيرٌ من الأماكن التي ذكرها الأدباء في العصر الجاهلي والإسلامي، فقد كانت مرتعاً لهم وملعباً لصباهم، وتنقلوا فيها، فتفنوا بذكرها، وشاقتهم بمسارحها وملاعبها ومفاتنها، وكانت لهم فيها صبابات وذكريات، حتى أصبح ذكر الأماكن المختلفة في الشعر العربي، والوقوف على الأطلال والتفنّي بها قانوناً تقليدياً من قوانين الشعر العربي، وكان الشعراء يذكرون الأماكن وأسماء الأحبة ليعربوا عن مشاعرهم من شوقٍ وحنين، ولوعةٍ لفراق الأحبة، فيجذبون بذلك ذهن السامع، مما يخلقُ في نفسه تجاوباً.
وهذه الأماكن المنتشرة في ربوع الوطن العربي عامة، وفي الحجاز ونجد بخاصة، فيها ما بقي باسمه إلى الآن، وفيها ما زال، وفيها ما تغيّر اسمه، ولكن الشعر العربي خلّدهما، وحدّد مواقعها.
وكثيرٌ منا في هذا العصر لا يعرف هذه الأماكن، ولا أين تقع، فيلتبس عليه أمرها، وربما غمضت عليه، ونحن هنا نذكر بعض أبيات شعريةٍ ذُكَرَت فيها مواقع، ونحدّد هذه المواقع ما أمكن.
يقول امرؤ القيس في معلقته، وهو أحد الشعراء الثلاثة المقدّمين بين الشعراء الجاهلين: قفا نبكِ من ذكر من حبيب ومنزل... بسقط اللوى بين الدَّخول فحومل / فتوضح فالمقراة لم يعفُ رسمها... لِما نسجتها من جنوب وشمالِ / وقوفاً بها صحبي عليَّ وطيِّهم... يقولون لا تهلِك أسى وتجمَّلِ / كدأبك من أم الحُويرثِ مثلها... وجارتها أمّ الرباب بمأسل / ألارُبّ يومٍ لي من البيض صالحِ ولا سيّما يؤمٌ بدارةِ جُلْجُلِ / [...]
الشاعر يخاطب صاحبيه، وكان هذا من عادة العرب، لأن الرجل يكون أدنى أعوانه اثنان: راعي إبله وراعي غنمه وماله، فيقول لهما: قفا وساعداني وأعيناني على البكاء عند تذكري حبيباً فارقته، ومنزلاً غادرته واقتاً بين سقط اللُّوى، ما بين الدَّخول وخومل وتوضح والمقراة، وهي أماكنٌ لم ينمح أثرها من نسج الرِّيحين، فإذا عطتها إحدى الريحين بالتراب كشفته الاخرى عنها، سقط اللوى: مكانٌ يقال له اليوم مُشرِفْ، واسمه في الجاهلية أشراف، وهو كثيب من الرمال، طرفه من جهة الغرب قريبٌ من حومل، وطرفه من جهة الشرق قريبٌ من الدَّخول.
والدَّخول وحومل باقيان باسمهما إلى الآن، الدَّخول: ماءٌ عذبٌ معروفٌ بهذا الإسم إلى الآن، يقع شمال الهضب المعروف بين وادي الدواسر ووادي رنْيَهَ حَوْمل: اسم مكان ويعني السيل الصافي، ومن كل شيء أوّله، والسحاب الأسود من كثرة مائه قريب من الدّخول في جهته الغربية الجنوبية، توضح: أرض قريبة من الهضب، يقال لها اليوم: "التوضيحات"، تقع عند جبيل الحمل جنوباً، مأسل: موضع بهضبة نجد، دارة جلجل: غديرٌ عند غمركندة، قبيلة امرئ القيس، المقراة: كل ما اجتمع فيه الماء، وهو وادٍ ينصبُّ إلى جهة الجنوب من الهضب والسَّواد، وقد حُرِّف اسمها اليوم إلى القمواء، وجميع هذه الأماكن تقع في نجد [...].
هذا وقد تنوعت مواضيع هذه المجموعة، وحفلت بما شكّل إرثاً أدبياً ما خبا بريقه عبر الزمن، فجاءت دراسات حول: المقطوعات في الشعر العربي، الحطيئة، وحول: الشاعر النميري والحجاج ودراسة لطيفة تناولت شعر الغزل، وتحدثت عن طيف الخيال عند البحتري، ثم دراسة تناولت الشاعر الأندلسي ابن خفاجة وشعره، وأخرى دارت حول الشاعرات الأندلسيات، ثم دراسة تاريخية محورها تاريخ دمشق الكبير بين ابن عساكر وابن بدران... ودراسات جاءت عناوينها على النحو التالي: الشاب الظريف (وهو شاعر من العصر المملوكي)، الشاعر الوشّاح ابن زمرك، الصنوبري شاعر الروضيّات، الجاحظ، غنى لغتنا العربية، منزلة الشعر في العصر الأموي، حول ظاهرة الصعلكة في العصر الجاهلي، عبد الله بن المقفع والأدب الصغير.
وأخيراً، دراسة تناولت الرسالة الحاتمية والتي ألفها أبو علي الحاتمي باسم "الرسالة الحاتمية"، التي يحصي فيها أبيات المتنبي التي أخذ معانيها من أرسطو.
نبذة الناشر:
* عزيزي القارئ:
يسعدني أن أضع بين يديك باقةً من دراساتٍ ومقالاتٍ أدبية، نشرتها في مجلَّاتٍ وصحفٍ عربيَّةٍ وسورية، وقد رتَّبتها حسب التَّسلسل الزَّمني المواكب للعصور التَّاريخية، تاريخ الأدب العربي من العصر الجاهلي إلى العصر الحديث.
أرجو أن تقضي مع الجزء الأوَّل منها وقتاً، تجني فيه الفائدة والمتعة.