-
/ عربي / USD
لقد تناولت تعاليم الإسلام حياة الإنسان في جميع أحواله فوضعت له أسمى المبادئ، وأقوم القواعد التي تحقق سعادة الفرد والجماعة ومصلحتهما، وبيّنت مسؤوليات وواجبات الراعي والرعية، وأوضحت الحقوق والواجبات بحيث لا يظلم أحدٌ أحداً، ولا يطعن أحدٌ على أحد.
فالشريعة الإسلامية شاملة لكل جوانب الحياة الإنسانية، ومن هذه الجوانب التي شملتها الشريعة الإسلامية ووضعت لها قواعدها وضوابطها الجانب السياسي، الذي تناوله الفقهاء بالدراسة والتفصيل.
ومن أبرز هؤلاء الفقهاء الذين كتبوا في السياسة الشرعية، وجمعوا أحكامها في مصنف واحدٍ الإمام الماوردي، أحد كبار علماء المذهب الشافعي، وأقضى القضاة في عصره، في كتابه "الأحكام السلطانية والولايات الدينية" الذي أوضح في مقدمته الغاية من تأليفه: (ولما كانت الأحكام السلطانية بولاة الأمور أحق، وكان امتزاجها بجميع الأحكام يقطعهم عن تضخمها مع تشاغلهم بالسياسة والتدبير، أفردت لها كتاباً امتثلت فيه أمر من لزمت طاعته، ليعلم مذاهب الفقهاء فيما له منها فيستوفيه، وما عليه فيوفيه؛ توخياً للعدل في تنفيذه وقضائه، وتحرياً للنضعة في أخذه وعطائه).
ونظرية لأهمية الموضوع، فقد وقع اختيار الباحث عليه لكونه يتناول محوراً عظيماً من محاور الشريعة، وهو السياسة الشرعية بطريقة انفرد بها مؤلفه، بالإضافة إلى مكانة مؤلفه العظيمة فهو أحد كبار علماء الشافعية في زمانه أثنى عليه العلما في علمه ودينه وورعه وتقواه، وخصوصاً أنه هنا يكتب في باب مارسه وخبره عن كتب حيث كان الماوردي رجل دولة وسياسة وقاضي القضاة.
وأيضاً، فإن ما دفع المحقق إلى عمله هذا رغبته في تحقيق هدف المؤلف "الماوردي" في هذا الزمن الذي ترك فيه أصحاب السياسة الشرعية الفرّاء وراء ظهورهم، وجاؤوا بنظريات من الغرب والشرق وظنوا أنهم من خلالها سيواكبون التقدم ويلحقون بركب المدنية الحديثة...
"فلعلهم إذا اطلعوا على هذا الكتاب وأمثاله علموا ما جهلوا وأيقنوا أن شريعة الله صالحة لكل زمان ومكان، ولعلّ في ذلك ما يهدي ضلاَّل الفكر، ممن أفسدت عقولهم الشبهات، فيفقهوا متين الصلة بين الإسلام والحكم والشريعة والسياسة [...].
بالإضافة إلى ذلك، فإن المحقق بعمله هذا سيساهم في خدمة السياسة الشرعية، وذلك بتقديم كتاب في الفقه المقارن محققاً تحقيقاً علميّاً؛ ليكون مرجعاً هامّاً لمن أراد الإطلاع والتوسع في هذا المجال.
أما منهج المحقق فقد جاء كالتالي: اعتماده على نسختين خطيتين وجعله النسخة (أ) أصلاً وذلك لقدمها، ولأنها نسخة مقابلة ومصححة ثم إثباته الفروق بين النسخ، ووضعه الأصح دائماً في المتن والمخالف في الهامش.
وكتابة المخطوط بحسب قواعد الإملاء الحديث، وضبطه بالشكل، ووضع علامات الترقيم في مواضعها المناسبة، ثم تخريج الآيات والأحاديث النبوية الشريفة، ثم الآثار الواردة في الكتاب بالرجوع إلى كتب الحديث وإلى كتب السنن المختصة بذلك، ثم توثيقه أقوال أصحاب المذاهب والفقهاء والمفسرين، كما وجميع المسائل الفقهية على المذاهب الأربعة، ثم دراسته بعض المسائل دراسة فقهية مقارنة وبيانه الراجح فيها حسب الدليل الشرعي.
كما اهتم المحقق بشرح الالفاظ الفقهية التي تحتاج إلى شرح، ثم تخريجه الشواهد الشعرية من مصادرها وبيان بحرها وشرح مفرداتها، ثم بيانه المعنى اللغوي لبعض الألفاظ، والتي لمعرفة معناها أثر، وتفريغه بجميع الأعلام، وبجميع الأماكن وأسماء البلدان والقرى، ثم محافظته على تقسيم المؤلف في جعله تحت الأبواب مجموعة من الفصول، وإضافة عنوان لكل فقرة، كما عمد المحقق إلى مقارنته بين هذا الكتاب الذي قام بتحقيقه وكتاب الأحكام السلطانية لأبي يعلى.
وأخيراً إلحاق الكتاب بالعديد من الفهارس التي تساعد على تسهيل عملية الإطلّاع على الكتاب ودراسته من قبل الباحث وأصحاب الإختصاص.
هذا وقد اشتمل الكتاب قسمين: الأول منهما قسم دراسي تضمن بابين، الأول: المارودي وسيرته، والثاني: دراسة المخطوط.
أما القسم الثاني، فهو قسم التحقيق والتعليق، وفيه قام المحقق بتحقيق ودراسة أبواب المخطوط.
نبذة الناشر:
كتاب يبحث في الأحكام المتعلقة بالخلفاء والملوك والسلاطين والوزراء والولاة والقضاة مبتدأ بأوصاف الإمام الخلقية والخلقية والبيعة وما يصدر عن الإمام من توليات وما يتعلق بذلك من أحكام وتكلم على الوزارة والوزير وما يتعلق به وكذلك ولاة الأمصار، والقضاة وتوليتهم وقتال أهل الردة، وأقسام الولايات كولاية الحج وولاية الصدقات وولاية المظالم وولاية المال، والكلام على الخراج، وغير ذلك من الأحكام السلطان
قيّم هذا الكتاب
هل استخدمت هذا المنتج من قبل؟
لا توجد أي مراجعات بعد