حثّ النبي صلى الله عليه وسلم على مجموعة من الأودية والعلاجات الطبيعية، وذلك بحسب البنية والطبيعة السائدة في مكة المكرمة والمدينة المنورة، ويحسب الأمراض التي كانت منتشرة آنذاك، وبحسب نوعية الطعام غير المعقد وغير المركب آنذاك أيضاً.وكان على رأس تلك العلاجات، وأولاها...
حثّ النبي صلى الله عليه وسلم على مجموعة من الأودية والعلاجات الطبيعية، وذلك بحسب البنية والطبيعة السائدة في مكة المكرمة والمدينة المنورة، ويحسب الأمراض التي كانت منتشرة آنذاك، وبحسب نوعية الطعام غير المعقد وغير المركب آنذاك أيضاً.
وكان على رأس تلك العلاجات، وأولاها وأفضلها هي الحجامة بطريقتها البسيطة المعهودة (كؤوس وتشريط وإستفراغ للأخلاط)، وكانت الحجامة ضمن الطب الشعبي الدارج عند العرب؛ بل وفي المجتمعات القديمة، وأصبح للحجامة فيما بعد تراث يتوارثه الأجيال ومدارس مختلفة.
أما في دول أوروبا، وفي القرن التاسع عشر، نظر الأوروبيون إلى الحجامة كنوع من العلاج البربري الذي لا يستند إلى العلم، ولكن وفي هذا العصر، ومع إنتشار العلم والطب وتقنية المعلومات والتكنولوجيا وإتصال الشرق بالغرب، تفاجئنا الصحف بعودة هذه الظاهرة في أوروبا بشكل علمي، حتى أصبحت لها نظريات عديدة في كل من أميركا وألمانيا وأستراليا والنمسا.
وبالمقابل، وفي الشرق الأوسط أصبح للحجامة إنتشاراً واسعاً، علمياً وتطبيقاً من قبل عامة الناس، بسبب كونها سنة نبوية علاجية، غير أن البحث والدراسات النظرية والمعملية العربية هي للأسف قليلة تمشي على إستحياء، حيث انتشرت في الآونة الأخيرة كتابات عبر مواقع الإتصال الإجتماعي، ومجموعة من الكتب يمكن العثور عليها في المكتبات العربية؛ إلا أن الرابط المشترك بينها أنها إقتباسات تفتقر إلى التجربة.
وعلى سبيل المثال، هناك دراستان في الشرق الأوسط أحدهما اعتمدت على التجربة، وابتعدت عن السنة، فأورد صاحبها الأحاديث الضعيفة والموضوعة لإثبات سنية الحجامة، منكراً حجامة الرأس مع أنها وردت في صحيح البخاري.
والدراسة الأخرى اعتمدت على تحديد المواضيع التي تجري فيها الحجامة في جسم الإنسان؛ بناء على مسارات الطاقة في الجسم عند الصينيين حتى في تحديد مواضع الحجامة النبوية.
من هنا، تأتي اهمية هذه الدراسة الذي اتجه فيها المؤلف إتجاهاً يوافق السنّة، وكان قد أجرى هذه الدراسة على قرابة 900 حالة موثقة بملف زيارة لكل حالة، وجمع 33 تقريراً طبياً لحالات تم شفاؤها بالحجامة بنفس الطريقة، وهو لا يدّعي أنه أول من اتجه هذا الإتجاه فقد اتّخذ هذه الطريقة من خلال تتبعه كتابات شرّاح الأحاديث، وكتابات المختصين من قدماء أطباء العرب كإبن سينا والرازي، حيث قام بإغناء هذه الدراسة بإيراد قواعد أساسية للحجامة، وتوسع في دراسته من خلال مجموعة كبيرة من الأسئلة، لتعطي الإجابات معلومات وافية عن الحجامة كممارسة عملية ممزوجة بين الإطلاع على السنّة النبوية من جهة، ومن جهة أخرى الإطلاع على ما كتبه شرّاح الأحاديث، مستفيداً مما جاء في الدراسات الحديثة سواء أكانت شرقية أم غربية، فالحكمة ضالة المؤمن.