إن غاية التربية الإسلامية نيل محبة الله ورضوانه، وأن يكون نيل محبته ورضوانه عزّ وجلّ هو القصد الأول للمسلم من تربيته لنفسه وتزكيته لها، وأن تكون جميع المقاصد والغايات تابعة لهذا القصد وخاضعة له.وهذا المعنى العظيم الجليل متى استقر في القلب أضاء، وبان له الطريق، وانعكس ذلك...
إن غاية التربية الإسلامية نيل محبة الله ورضوانه، وأن يكون نيل محبته ورضوانه عزّ وجلّ هو القصد الأول للمسلم من تربيته لنفسه وتزكيته لها، وأن تكون جميع المقاصد والغايات تابعة لهذا القصد وخاضعة له. وهذا المعنى العظيم الجليل متى استقر في القلب أضاء، وبان له الطريق، وانعكس ذلك على حال صاحبه، وسهل عليه ترتبيتها وتزكيتها، وهذه القاعدة هي غاية التربية الأسمى وبقية القواعد التربوية كلها وسائل لتحقيقها، والأصل الشرعي للقاعدة قوله تعالى: ﴿قُلْ إِنْ كُنْتُمْ تُحِبُّونَ اللَّهَ فَاتَّبِعُونِي يُحْبِبْكُمُ اللَّهُ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ (31)﴾ [آل عمران / 31]. وعليه، فإن واجب المربي أو الواعظ أن يضع محبة الله ورضوانه هدفاً أسمى لدى من يربيهم، وحين ينجح في غرس هذا الأمر في نفوس الناس، عندها فقط سيسهل القيام بأمر العبادات وتحقيق الإخلاص، وهذا النهج التربوي أنجح من منهج التربية على مناقشة الإقران أو زرع الرغبة في التفوق والتميز أو تطوير النفس، التي قد ينحرف المرء بسببها عن الغاية العظمى وهو لا يشعر. من هنا، يأتي هذا الكتاب الذي يهدف إلى تقريب التربية من خلال جمع مفرداتها المتناثرة تحت قواعد كلية، تندرج تحتها تلك الفروع، مما يسهل على المربي والمعلم والواعظ الإلمام بكليات التربية وفروعها، فهذه القواعد تتناول في مجموعها أركان التربية، بحيث يمكن القول بأنها تضم أصول مواضيع التربية الإسلامية. وقد تم تقسيم هذه القواعد حسب موضوعاتها إلى ثلاثة فصول، تضمن الأول منها القواعد الأساسية في التربية والتزكية؛ وتتناول توضيح وتأكيد الغاية من التربية والتزكية، أما الفصل الثاني فقد شمل القواعد التي تتضمن تحقيق مقصد الإصطباغ بالصيغة الربانية. ودار الحديث في الفصل الثالث حول القواعد التربوية المحققة لمقصد الإستدامة والإستمرارية، بما يعني القواعد الخادمة لتحقيق وتنزيل الأهداف التربوية، وأما المنهجية التي اتبعها الباحث في بحثه هذا فقد جاءت على النحو التالي: 1-الإيجاز بقدر الإمكان، مع إحالة القارئ إلى أمهات كتب التربية والتزكية التي تزوده بالمزيد في هذا الموضوع أو ذاك، 2-الإلتزام بموضوع الكتاب؛ وهو التربية والتزكية، لذا لم يخرج الباحث عن موضوع الكتاب الأصلي، وأي مسائل متعلقة بعلوم أخرى؛ كالإعتقاد أو الفقه أو أصول الفقه، 3-محاولة بناء العقلية التعقيدية، او الفكر التعقيدي لدى المربين؛ خاصة فيما يتعلق بأمر التربية والتزكية، وأن يكون هذا مما يورّث للمتربين. هذا وقد اجتهد الباحث في أن يتناول في كل قاعدة تربوية خمسة عناصر رئيسية، وهي: بيان المراد منها، وأصلها الشرعي، وفقهها، وكيفية تنزيلها، وأثار غياب القاعدة، ثم قد يكون هناك قواعد تابعة للقاعدة الكلية الرئيسة.