الأدلة النحوية هي الأدلة النصية التي تبنى عليها القواعد النحوية والمؤكدة لها، وهي المحتج بها في الإستدلال على صحتها، وهذه القواعد هي التي بنى عليها النحاة أقسيتهم وإلتزموا بها ولم يجوّزوا الخروج عنها، وما جاء مخالفاً لهذه القواعد اقتضى إما التوجيه وإما التأويل؛ وإلا اتهم...
الأدلة النحوية هي الأدلة النصية التي تبنى عليها القواعد النحوية والمؤكدة لها، وهي المحتج بها في الإستدلال على صحتها، وهذه القواعد هي التي بنى عليها النحاة أقسيتهم وإلتزموا بها ولم يجوّزوا الخروج عنها، وما جاء مخالفاً لهذه القواعد اقتضى إما التوجيه وإما التأويل؛ وإلا اتهم بالشذوذ والخطأ. كذلك فقد التزم النحاة فترة زمنية محددة في إحتجاجهم بهذه الأدلة، وهي فترة الإستشهاد والتي توافرت بها السليقة اللغوية وسلامة اللغة عن الإتصال بأجناس لغوية مغايرة. وقد كان متوقعاً مع هذه المنهجية التي وضعها النحاة ألا يحدث خلاف في بناء القواعد النحوية وألا يعتريها شيء من الإضطراب، غير أن الخلاف الذي تولد مبكراً بين البصرة والكوفة في مصادر جمع المادة اللغوية، ومن ثم الأدلة النحوية، ومن أي قبيلة تؤخذ وأي اللهجات حجة على الأخرى، ثم إختلافهم في قوة الأدلة، وإختلافهم في حدّ القلة والكثرة وغير ذلك من خلاف منهجي؛ كل ذلك إلى ما عرف بالجدل اللغوي والحجاج بين النحاة وإعتراض كل واحد على الآخر بالأدلة التي تزيد ما ذهب إليه وترجحه، والأدلة التي تعارض ما ذهب إليه الخصم وتبطله. وقد زاد الأمر خلافاً فيما بعد التوسع في فترة الإستشهاد عند البعض والإحتجاج بشعر المولدين ورفض ذلك التوسع ثم الإختلاف على الإحتجاج بالحديث النبوي وعدمه وغير ذلك. خلاصة الأمر أن ثمة تعارضاً فعلياً قد وقع بين الأقيسة والأدلة التي بنى عليها كلٌّ القاعدة النحوية، الأمر الذي دعا إلى البحث عن المرجح بين المتعارضين وذلك بإستخدام الأدلة العقلية المختلفة مستندين في ذلك على أساسين؛ هما التوجيه والتأويل. وعليه، فإن كل من التأويل والتوجيه بينه وبين تعارض الأدلة إرتباط وثيق، حيث أن كلاً منهما مخرج لصور التعارض بين الأدلة ويدوران في فلك الأصل النموي لتعزيزه والمحافظة عليه مما يعارضه من الأدلة والشواهد. ونظراً لما لهذا الموضوع من أهمية، جاءت هذه الدراسة التي جاءت خطة البحث فيها على هذا النحو: المقدمة: وقد تعرض الباحث فيها لأهمية الموضوع والدراسات السابقة والأسباب التي دفعته لإختياره، مع ذكره لأهم الصعوبات التي واجهته في عمله البحثي هذا؛ التمهيد: تم في هذا التمهيد التعريف بمصطلحات عنوان الدراسة وتناول العلاقة بين التوجيه والتأويل، ثم بيان حقيقة تعارض الأدلة؛ ليتبع ذلك فصولاً أربعة، تناول الباحث في الأول منها مسألة تعارض الأدلة المتفق عليها ودور التأويل والتوجيه، بما يشمل البحث في الأمور التالية: حجية السماع والقياس، تعارض السماع مع السماع ودور التأويل والتوجيه، تعارض السماع مع القياس ودور التأويل والتوجيه. أما الفصل الثاني فقد دار البحث فيه حول تعارض الأدلة المختلف فيها مع الأدلة المتفق عليها، ودور التأويل والتوجيه، وتفرع عن ذلك البحث في كلٍّ من المسائل التالية: تعارض الإجماع مع السماع والقياس ودور التأويل والتوجيه، ثم تعارض الإستصحاب مع السماع والقياس ودور التأويل والتوجيه، وتعارض الإستسحان مع السماع والقياس وأيضاً ودور التأويل والتوجيه، ليتم من ثم، وفي الفصل الثالث تناول موضوع تعارض الأدلة المختلف فيها ودور التأويل والتوجيه بما يشمل البحث في المسائل التالية: تعارض الإجماع مع الأدلة المختلف فيها (تعارض الإجماع مع الإجماع، تعارض الإجماع مع الإستصحاب، تعارض الإجماع مع الإستحسان)، ثم تعارض الإستصحاب مع الأدلة المختلف فيها (تعارض إستصحاب مع إستصحاب، تعارض إستصحاب مع إستحسان، تعارض الإستصحاب مع الإجماع)، ثم ليأتي الحديث عن أنواع أخرى من التعارض مما يقع فيه التوجيه أو التأويل. وأخيراً تم تخصيص الفصل الرابع لدراسة تقويمية شملت: دراسة تقويمية لتعارض الأدلة، ثم دراسة تقويمية التوجيه النحوي في ضوء تعارض الأدلة، وأخيراً دراسة تقويمية للتأويل النحوي في ضوء تعارض الأدلة، ثم تأتي الخاتمة التي ضمنها الباحث ملخص ما توصل إليه من هذه الدراسة.