إن القرآن العظيم أشرف الكتب السماوية، كما أن المنزل عليه أفضل البرية، وهو الضياء والنور وبه النجاة من الغرور، وفيه شفاء لما في الصدور، من خالفه من الجبابرة قصمه الله، ومن ابتغى العلم في غيره أضلّه الله، وهو حبل الله المتين، ونوره المبين، والعروة الوثقى، والمعتصم الأوفى،...
إن القرآن العظيم أشرف الكتب السماوية، كما أن المنزل عليه أفضل البرية، وهو الضياء والنور وبه النجاة من الغرور، وفيه شفاء لما في الصدور، من خالفه من الجبابرة قصمه الله، ومن ابتغى العلم في غيره أضلّه الله، وهو حبل الله المتين، ونوره المبين، والعروة الوثقى، والمعتصم الأوفى، وهو المحيط بالقليل والكثير والصغير والكبير، لا تنقضي عجائبه، ولا تتناهى غرائبه، ولا يحيط بفوائده عند أهل العلم تحديد، ولا يُخْلِقه عند أهل التلاوة كثرة الترديد، وهو الذي أرشد الأولين والآخرين، ولما سمعه الجنّ دلَّوا إلى قومهم منذرين، قال الله تعالى: ﴿قُلْ أُوحِيَ إِلَيَّ أَنَّهُ اسْتَمَعَ نَفَرٌ مِنَ الْجِنِّ فَقَالُوا إِنَّا سَمِعْنَا قُرْآَناً عَجَباً(1) يَهْدِي إِلَى الرُّشْدِ فَآَمَنَّا بِهِ وَلَنْ نُشْرِكَ بِرَبِّنَا أَحَداً (2)﴾ [سورة الجن 1- 2]، فكل من آمن به فقد وفق، ومن قال به فقد صدق، ومن تمسك به فقد هدي، ومن عمل به فقد فاز، قال تعالى: ﴿إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ وَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ (9)﴾ [سورة الحجر: 9].
هذا وإن من أسباب حفظه في القلوب والمصاحف: إستدامة تلاوته، والمواظبة على دراسته، مع القيام بآدابه وشروطه، والمحافظة على ما فيه من الأعمال الباطنة والآداب الظاهرة، وعن ابن مسعود قال: قال رسول الله عليه وسلم: "يقول الله عزّ وجلّ: "من شغله القرآن عن ذكري ومسألتي أعطيته أفضل ما أعطي السائلين".
وإلى هذا كله، جعل الله تعالى كتابه للأدواء شفاءً، ولصدأ القلوب جلاءً، وأن خير القلوب قلب واعٍ له، وخير الألسنة لسان يتلوه، وخير البيوت بيت يكون فيه، وأنه أعظم الكتب المنزلة، فهو النور المبين الذي لا يشبهه نور، والبرهان المستبين الذي تشتفي به النفوس، وتنشرح به الصدور، لا شيء أوضح من بلاغته، ولا أرجح من فصاحته، ولا أكثر من إفادته، ولا ألذّ من تلاوته، فمن تمسك به فقد نهج منهج الصواب، ومن ضلّ عنه فقد خاب وخسر وطرد عن الباب، قال في "الأحياء" قال صلى الله عليه وسلم: "القرآن فيه خبر من قبلكم ونبأ ما بعدكم وحكم ما بينكم".
هذا وإن طلب حفظ القرآن العزيز، والإجتهاد في تحرير النطق بلفظه والبحث عن مخارج حروفه ومعاني صفاتها، والرغبة في تحسين الصوت به، ونحو ذلك، وإن كان مطلوباً حسناً؛ لكن فوقه ما هو أهم منه وأولى وأتم، وهو فهم معانيه، والتفكر فيه، والعمل بمقتضاه، والوقوف عند حدوده، والتأدب بآدابه.
وقد روي في "فضائل القرآن" لأبي عبيد القاسم بن سلام عن ابن عباس ومجاهد وعكرمة في قوله تعالى: ﴿الَّذِينَ آَتَيْنَاهُمُ الْكِتَابَ يَتْلُونَهُ حَقَّ تِلَاوَتِهِ أُولَئِكَ يُؤْمِنُونَ بِهِ وَمَنْ يَكْفُرْ بِهِ فَأُولَئِكَ هُمُ الْخَاسِرُونَ (121)﴾ [سورة البقرة: 121]، قال: يتبعونه حق إتباعه، وقال الغزالي: (تلاوة القرآن حقّ تلاوته: أن يشترك فيه اللسان والعقل والقلب، فحظّ اللسان تصحيح الحروف، وحظّ العقل تفسير المعاني، وحق القلب الإتّعاظ والتأثر والإنزجار، والإئتمار، فاللسان يرتل والعقل ينزجر والقلب يتعظ).
من هنا، تأتي أهمية هذه الرسالة في فضائل القرآن العظيم وفضل تعلمه وتعليمه وحفظه، وفضل المعلم والمتعلم، وفضل بعض سورة وآياته وغير ذلك، وقد تم ترتيب هذه المواضيع ضمن أبواب جاءت على النحو التالي: 1-في فضل القرآن الكريم، آداب قارئ القرآن الكريم، 3-فضل قراءة القرآن الكريم وفضل تعلمه وتعليمه، 4-الترهيب من نسيان القرآن الكريم بعد تعلمه، 5-في قراءة سورة الفاتحة وما جاء في فضلها، 6-في قراءة سورة البقرة وخواتيمها وآل عمران، 7-في قراءة آية الكرسي، 7-في قراءة سورة الكهف، 8-في قراءة سورة ﴿يس﴾ وما جاء في فضلها، 9-في قراءة سورة ﴿ تَبَارَكَ الَّذِي بِيَدِهِ الْمُلْكُ﴾...، 10- الترغيب في قراءة: ﴿إِذَا الشَّمْسُ كُوِّرَتْ﴾، 11- الترغيب في قراءة ﴿ إِذَا زُلْزِلَتِ الْأَرْضُ﴾ وما يذكر معها، 12-الترغيب في قراءة: ﴿أَلْهَاكُمْ التَّكَاثُرُ﴾، 13-الترغيب في قراءة ﴿ قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ﴾، 14-في قراءة المعوذتين، 15-في دعاء يدعى به لحفظ القرآن الكريم، 16-الترغيب في تعاهد القرآن الكريم وتحسين الصوت به، وتم إختتام الكتاب بمجموعة من الأدعية المأثورة عند ختم القرآن الشريف.