"الدلائل والإعتبار على الخلق والتدبير" هي رسالة يرد فيها عمرو بن بحر الجاحظ المتوفي سنة (255ه) على المشككين في خلق الله للكون والأشياء من حولنا يبدأها بالقول: "إن ناساً حين جهلوا الأسباب والمعاني، وقصروا في الخلقة عن تأمل الصواب والحكمة فيها؛ خرجوا إلى الجحود والتكذيب، حتى...
"الدلائل والإعتبار على الخلق والتدبير" هي رسالة يرد فيها عمرو بن بحر الجاحظ المتوفي سنة (255ه) على المشككين في خلق الله للكون والأشياء من حولنا يبدأها بالقول: "إن ناساً حين جهلوا الأسباب والمعاني، وقصروا في الخلقة عن تأمل الصواب والحكمة فيها؛ خرجوا إلى الجحود والتكذيب، حتى أنكروا خلق الأشياء، وزعموا أن كونها بإهمال لا صنعة فيه ولا تقدير (...) ، كالذي أقدمت عليه وجاهرت به المنانية الكفرة وأشباههم من أهل الضلال ..." وفي دفاعه هذا يدعو علماء عصره إلى الوقوف على الدلائل القائمة في الكون وإظهارها للعامة ونشرها وإذاعتها وإيرادها على المسامع والأذهان، لتقوي "دواعي الإيمان" وهو بدوره يقول: "فقد تكلفنا جميع ما وقفنا عليه من العبر والشواهد على خلق هذا العالم وتأليفه، وصواب التدبير فيه، وشرح الأسباب والمعاني في ذلك، بمبلغ علمنا في كتابنا، وتوخينا إيضاح القول فيه، وتنويره، والإيجاز فيما شرحنا، ليسهل فهمه ويقرب مأخذه على الناظر فيه، ورجونا أن يكون في ذلك شفاء للناكر المرتاب، وزيادة في يقين الموفق، وبالله التوفيق". وأول العبر بهيئة هذا العالم وتأليف أجزائه ونظمها على ما هي عليه والتي يدعو فيها الجاحظ المرتاب إلى الإيمان بها: لون السماء، طلوع الشمس وغروبها، فصول السنة، الليل والنهار والكواكب والنجوم، والمعادن والهواء والماء والنار والثمار والطيور والحيوانات وغيرها. وفي حديثه يقدم براهينه وحججه على خلق الله لها والحكمة من خلقها، وكيف أعطى الله الإنسان العقل وشرفه به وفضله على غيره من البهائم ليدرك الطبيعة والوجود من حولها ويحسن التعامل معها ...