اليمن أحد المراكز الحضاريّة العربيّة المهمة التي استطاعت أن تبقى شامخة وتقاوم الاضمحلال والأفول وافشال كل محاولات الغزو والاحتلال قروناً طويلة، إلا أن هذا المركز الحضاري أخذ يسير في الظل بعد نجاح الغزو الحبشي وبعده الفارسي وانهيار الدولة الحميريّة، بعد أن كانت تلك الدولة...
اليمن أحد المراكز الحضاريّة العربيّة المهمة التي استطاعت أن تبقى شامخة وتقاوم الاضمحلال والأفول وافشال كل محاولات الغزو والاحتلال قروناً طويلة، إلا أن هذا المركز الحضاري أخذ يسير في الظل بعد نجاح الغزو الحبشي وبعده الفارسي وانهيار الدولة الحميريّة، بعد أن كانت تلك الدولة على اتصال دائم مع العديد من القوى ابان الفترات المتعاقبة من التاريخ، تلك العلاقات القائمة على أساس المصالح والاحترام المتبادل، إلا ان تلك الدولة (الحميريّة) قد انزوت في دائرة ضيقة بعد انشغال ابنائها بمشاكل داخلية نتيجة لمؤثرات خارجية أدّت بالنهاية إلى انهيار هذه الدولة. إن دراسة التاريخ السياسي لليمن قبل الإسلام بالتعرّف على ظروفه الداخليّة وما جرى فيه من تغيرات وعلاقته بالمؤثرات الخارجية من خلال دراسة علاقات اليمن مع القوى القائمة آنذاك (بيزنطة، فارس، اكسوم) ودور القوى المحليّة اليمنيّة (الملوك، الاقيال واللذواء، القبائل) فضلاً عن القوى المحليّة القائمة في مدينة نجران، وكان من الضروري بحث الحالة السياسيّة من خلال بحث الأطراف الحاكمة والقوى المؤثرة على مجريات الأحداث وهم الملوك ابتداءً من فترة حكم ابكرب أسعد (أسعد كامل) الذي كان عصره يمثّل أوج التطوّر السياسي في اليمن. ثم عقب ذلك بداية انهيار الدولة الحميريّة، وحاولنا المقارنة بين النقوش والروايات العربيّة لرسم الملامح العامة لعهد كل ملك. كما شغل الأذواء والأقيال دوراً مهماً على مسرح الحياة اليمنية وقد تمتعت الفئتان بامتيازات واسعة. أما القبائل فقد شكلت قوة كبيرة وأكدت النقوش اليمنيّة على ذلك ونالت القبائل اهتمام ملوك اليمن فضلاً عن اهتمام بيزنطة وفارس واكسوم، وقد حاولت تلك القوى نيل رضا القبائل اليمنية.