يعد ابن قتيبة بين أعلام القرن الثالث هجري / التاسع ميلادي، ثاني اثنين في موسوعية التأليف، فقد اقتفى في مواضيع أصيلة، أثر شيوخ عصره من المصنفين الكبار على تنوع معارفهم وتأليفاتهم، وتسنى له أن يزاحمهم في الصنعة، من أمثال: القاسم بن سلام، ومحمد بن سلام، والجاحظ، وغيرهم في علوم...

يعد ابن قتيبة بين أعلام القرن الثالث هجري / التاسع ميلادي، ثاني اثنين في موسوعية التأليف، فقد اقتفى في مواضيع أصيلة، أثر شيوخ عصره من المصنفين الكبار على تنوع معارفهم وتأليفاتهم، وتسنى له أن يزاحمهم في الصنعة، من أمثال: القاسم بن سلام، ومحمد بن سلام، والجاحظ، وغيرهم في علوم عدة.
يشكل هذا الكتاب دراسة في كتاب (المعارف) لابن قتيبة - منهجه وموارده وأهميته - وهو كتاب يحذو فيه مؤلفه حذو المنهج الموضوعي فهو من أقدم الدراسات ذات الطبيعة الموسوعية في المنهج التاريخي بما يحتويه من معارف تمس صلب المعرفة التاريخية، وأخرى تدور في هالة التاريخ وتساعد على فهمه، وجاء منهج ابن قتيبة مرحلة وسطى أو نقلة في كتابة التاريخ بين التدوين لدى الإخباريين - على سبيل المثال - ابن الكلبي والمدائني، وبين كتابة التاريخ الحولي الذي اضطلع به الطبري ت 310هـ / 922م.
يشتمل كتاب (المعارف) على فنون شتى، وهو ما أورده ابن قتيبة في مقدمة كتاب المعارف مفردات مادته بقوله: "وكتابي هذا يشتمل على فنون كثيرة من المعارف"، وقد ابتدأ بلفظ "أولها"، ولم يذكر لها ثانياً أو آخراً، فكان مبتدأ الخلق، قصص الأنبياء (عليهم السلام) إلى زمن عيسى (عليه السلام).
وقد تناول ابن قتيبة "أزمانهم وحلاهم، وأعمارهم وأعقابهم، وإفتراق ذراريهم، ونزولهم في مشارق الأرض ومغاربها"، ثم تحول إلى أنساب العرب بعبارة "ووصلت ذكر أنساب العرب"، تمهيداً لدراسة نسب الرسول صلى الله عليه وسلم وعصره، على أنه استخدم صيغ التدرج في وصل معارفه، بقوله: "ثم اتبعته أخبار رسول الله صلى الله عليه وسلم في نسبه.
كما أحاط في تناوله متعلقي الرسول صلى الله عليه وسلم من "عمومته، وعماته، وخالاته، وجدانه لأبيه ولأمه، وأزواجه وأولاده ومواليه" حتى ذكر "أحواله صلى الله عليه وسلم من مبعثه ومغازيه إلى أن قبض"، ثم اتبعه أخبار العشرة من المهاجرين؛ ثم الصحابة المشهورين".
وجاء على أثره أخبار "الخلفاء من لدن معاوية بن أبي سفيان إلى أحمد بن محمد بن المعتصم المستعين بالله (ت 52هـ) غير أن أضاف في متن الكتاب بعد المستعين ثلاثة من الخلفاء: المعتز بالله (ت 255هـ) ومحمد المهندي (ت 256هـ) والمعتمد على الله (ت 279هـ): الذي توفي ابن قتيبة في خلافته.
ولأجل الإحاطة أكثر في كتاب (المعارف)، وإبراز القيمة التاريخية له في المنهج والموارد قسم المؤلف / الدكتور صادق المخزومي دراسته هذه إلى خمسة فصول جاءت تحت العناوين الرئيسية الآتية: الفصل الأول: عصر ابن قتيبة وحياته، الفصل الثاني: علمه ومصنفاته، الفصل الثالث: فنون المعارف ومنهج ابن قتيبة فيها، الفصل الرابع: موارد ابن قتيبة، والفصل الخامس: أهمية كتاب المعارف التاريخية.