يشتمل هذا البحث على دراسة للفلسفة اليونانية في عصرها الأول الذي يتحدد عادة بما قبل سقراط، إعتباراً من بداية القرن السادس قبل الميلاد وحتى منتصف الخامس منه، حيث ظهرت سمات هذا الفكر متمثلة بالفلسفات الطبيعية، فكان لها من المنجزات في هذا الحقل ما دهش له الفكر الإنساني مئين...
يشتمل هذا البحث على دراسة للفلسفة اليونانية في عصرها الأول الذي يتحدد عادة بما قبل سقراط، إعتباراً من بداية القرن السادس قبل الميلاد وحتى منتصف الخامس منه، حيث ظهرت سمات هذا الفكر متمثلة بالفلسفات الطبيعية، فكان لها من المنجزات في هذا الحقل ما دهش له الفكر الإنساني مئين عدداً، وما زال محط التقدير والإعجاب لدى الإنسان المعاصر. ولقد ارتسمت معالم هذا الإبداع الأصيل في الإهتمام البالغ الذي سلّطه الفكر اليوناني نحو الكون المحيط بالإنسان ونظامه ومشكلات الحياة العامة المتعلقة بالمعرفة والأخلاق، فكانت فلسفته تلك عنصراً من عناصر الحياة الحضارية، ودلالة عميقة على التقدم والتطور؛ حاول من خلالها تنسيق صورة صادقة لروح الشعب وطبيعته محدداً نظرته الشاملة المبرأة من شوائب الأساطير والشعبذات الدينية، سالكاً في تحقيق هدفه هذا طريقاً عملياً ونظرياً معاً، بحيث أدى به هذا النتاج الفكري إلى تثبيت حرية الفرد وإستقلاله عن التأثيرات اللاشعورية التي كانت تتحكم فيه، فأشاد الفلسفة على أنها (مواقف) عملية للحياة يتميز فيها الأفراد وتنتظمها الجماعات، وسلك في التعبير عن تلك المواقف مسالك رائعة حقاً؛ تحمل أسلوباً شعرياً تارة ونثرياً أخرى، يشبه إلى حد كبير عملية الفنان الأصيل سواء بسواء...!. وفي الصفحات التاليات تصوير لهذه البواكير النامية قدمها المؤلف للقارئ بسبيل موضوعي خالص، معتمداً في ذلك إطارها التطوري العام؛ حيث أكد بصورة واضحة على المقولات الفلسفية الكبرى في الفكر اليوناني التي لا يزال تأثيرها مستمراً في الفلسفة الحديثة المعاصرة، مستخدماً الطريقة النقدية والتحليلية، وملتزماً المنهجية العلمية.